إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الكذِب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكذِب

    الكذِب

    وهو : مخالفة القول للواقع . وهو من أبشع العيوب والجرائم ، ومصدر الآثام والشرور ، وداعية الفضيحة والسقوط . لذلك حرّمته الشريعة الإسلاميّة ، ونعت على المتّصفين به ، وتوعّدتهم في الكتاب والسنّة :
    قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) ( غافر : 28 )
    وقال تعالى : ( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) ( الجاثية : 7 )
    وقال تعالى : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( النحل :105 )
    وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنَّ اللّه جعل للشرِّ أقفالاً ، وجعَل مفاتيح تلك الأقفال الشراب ، والكذِِب شرّ مِن الشراب ) (1) .
    وقال ( عليه السلام ) : ( كان عليّ بن الحسين يقول لولدِه : إتّقوا الكذِب ، الصغير منه والكبير ، في كلّ جدّ وهزْل ، فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير ، اجترأ على الكبير ، أما عَلِمتم أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صديّقاً ، وما يزال العبد يكذب حتّى يكتبه اللّه كذّاباً )(2) .
    _____________________
    (1) ، (2) الكافي .

    الصفحة 28

    وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ الكذب هو خراب الإيمان )(1) .
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( اعتياد الكذِب يورث الفقر )(2) .
    وقال عيسى بن مريم ( عليه السلام ) : ( من كثُر كذِبه ذهب بهاؤه )(3) .
    وقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في حجّة الوداع : ( قد كثُرت عليَّ الكذّابة وستكثُر ، فمَن كذب عليَّ متعمّداً ، فليتبوّأ مقعده من النار ، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه وسنّتي ، فما وافق كتاب اللّه فخذوا به ، وما خالَف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به )(4) .

    مساوئ الكذِب :
    وإنّما حرّمت الشريعة الإسلاميّة ( الكذب ) وأنذرت عليه بالهوان والعقاب ، لما ينطوي عليه من أضرار خطيرة ، ومساوئ جمّة ، فهو :
    (1) - باعث على سوء السمعة ، وسقوط الكرامة ، وانعدام الوثاقة ، فلا يُصدّق الكذّاب وإنْ نطق بالصدق ، ولا تقبل شهادته ، ولا يوثَق بمواعيده وعهوده .
    ومن خصائصه أنّه ينسى أكاذيبه ويختلق ما يُخالفها ، وربّما لفّق
    _____________________
    (1) الكافي .
    (2) الخصال للصدوق .
    (3) الكافي .
    (4) احتجاج الطبرسي .

    الصفحة 29

    الأكاذيب العديدة المتناقضة ، دعماً لكذبة افتراها ، فتغدو أحاديثه هذراً مقيتاً ، ولغواً فاضحاً .
    (2) - إنّه يضعف ثقة الناس بعضهم ببعض ، ويشيع فيهم أحاسيس التوجّس والتناكر .
    (3) - إنّه باعثٌ على تضييع الوقت والجُهد الثمينين ، لتمييز الواقع من المزيّف ، والصدق من الكذِب .
    (4) - وله فوق ذلك آثار روحيّة سيّئة ، ومغبّة خطيرة ، نوّهت عنها النصوص السالفة .

    دواعي الكذِب :
    الكذِب انحراف خُلُقي له أسبابه ودواعيه ، أهمّها :
    (1) - العادة : فقد يعتاد المرء على ممارسة الكذِب بدافع الجهل ، أو التأثّر بالمحيط المتخلّف ، أو لضعف الوازع الديني ، فيشبّ على هذه العادة السيّئة ، وتمتدّ جذورها في نفسه ، لذلك قال بعض الحكماء : ( من استحلى رضاع الكذِب عسُر فطامه ) .
    (2) - الطمع : وهو من أقوى الدوافع على الكذِب والتزوير ، تحقيقاً لأطماع الكذّاب ، وإشباعاً لنهمه .
    (3) - العِداء والحسَد : فطالما سوّلا لأربابهما تلفيق التُّهَم ، وتزويق الافتراءات والأكاذيب ، على مَن يُعادونه أو يحسدونه . وقد عانى الصُلَحَاء

    الصفحة 30

    والنُّبَلاء الذين يترفّعون عن الخوض في الباطل ، ومقابلة الإساءة بمثلها - كثيراً من مآسي التُّهَم والافتراءات والأراجيف .

    أنواع الكذب :
    للكذِب صورٌ شوهَاء ، تتفاوت بشاعتها باختلاف أضرارها وآثارها السيّئة ، وهي :

    الأُولى : اليمين الكاذبة
    وهي مِن أبشع صور الكذِب ، وأشدّها خطراً وإثماً ، فإنّها جنايةٌ مزدوجة : جرأةٌ صارخة على المولى عزَّ وجل بالحِلف به كَذِباً وبُهتاناً ، وجريمةٌ نكراء تمحق الحقوق وتهدر الكرامات .
    من أجل ذلك جاءت النصوص في ذمّها والتحذير منها :
    قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( إيّاكم واليمين الفاجرة ، فإنّها تدَع الديار مِن أهلها بلاقع )(1) .
    وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( اليمين الصُّبْر الكاذبة ، تورث العقب الفقر )(2) .
    الثانية : شهادة الزور
    وهي كسابقتها جريمة خطيرة ، وظلمٌ سافرٌ هدّام ، تبعث على غمط الحقوق ، واستلاب الأموال ، وإشاعة الفوضى في المجتمع ، بمساندة
    _____________________
    (1)، (2) الكافي.

    الصفحة31

    المجرمين على جرائم التدليس والابتزاز .
    أنظر كيف تنذر النصوص شهود الزور بالعقاب الأليم :
    قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدَي الحاكم حتّى يتبوّأ مقعده مِن النار ، وكذلك مَن كتم الشهادة )(1) .
    ونهى القرآن الكريم عنها فقال تعالى : ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ )(الحجّ : 30 )

    أضرار اليمين الكاذبة وشهادة الزور :
    وإنّما حرُمت الشريعة الإسلاميّة اليمين الكاذبة ، وشهادة الزور ، وتوعّدت عليهما بصنوف الوعيد والإرهاب ، لآثارهما السيّئة ، وأضرارهما الماحقة ، في دين الإنسان ودنياه ، من ذلك :
    (1) - أنّ مقترف اليمين الكاذبة ، وشهادة الزور ، يُسيء إلى نفسه إساءةً كُبرى بتعريضها إلى سخط اللّه تعالى ، وعقوباته التي صوّرتها النصوص السالفة .
    (2) - ويُسيء كذلك إلى مَن سانده ومالأه ، بالحِلف كذِباً ، والشهادة زوراً ، حيث شجّعه على بَخس حقوق الناس ، وابتزاز أموالهم ، وهدر كراماتهم .
    _____________________
    (1) الكافي ، ومن لا يحضره الفقيه .

    الصفحة32

    (3) - و يَسيء كذلك إلى مَن اختلق عليه اليمين والشهادة المزوّرتين ، بخذلانه وإضاعة حقوقه ، وإسقاط معنويّاته .
    (4) - ويسيء إلى المجتمع عامّة بإشاعة الفوضى والفساد فيه ، وتحطيم قِيمه الدينيّة والأخلاقيّة .
    (5) - ويسيء إلى الشريعة الإسلاميّة بتحدّيها ، ومخالفة دستورها المقدّس ، الذي يجب اتّباعه وتطبيقه على كلّ مسلم .

    الثالثة : خُلف الوعد
    الوفاء بالوعد من الخلال الكريمة التي يزدان بها العقلاء ، ويتحلّى بها النُبلاء ، وقد نوّه اللّه عنها في كتابه الكريم فقال : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) ( مريم : 54 ) .
    ذلك أنّ إسماعيل ( عليه السلام ) وعَد رجلاً ، فمكَث في انتظاره سنة كاملة ، في مكان لا يُبارحه ، وفاءاً بوعده .
    وإنّه لمن المؤسف أنْ يشيع خُلف الوعد بين المسلمين اليوم ، متجاهلين نتائجه السيّئة في إضعاف الثقة المتبادلة بينهم ، وإفساد العلاقات الاجتماعيّة ، والإضرار بالمصالح العامّة .
    قال الصادق ( عليه السلام ) : ( عِدة المؤمن أخاه نذرٌ لا كفارة له ، فمَن أخلَف فبخُلف اللّه تعالى بدأ ، ولمَقتهِ تعرّض ، وذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ))(1) .
    _____________________
    (1) الكافي .

    الصفحة33

    وقال ( عليه السلام ) : ( إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وعَد رجلاً إلى صخرةٍ فقال : أنا لك هاهنا حتّى تأتي . قال : فاشتدّت الشمس عليه ، فقال أصحابه : يا رسول اللّه ، لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ . فقال : قد وعدته إلى هاهنا ، وإنْ لم يجئ كان منه إلى المحشر )(1) .

    الرابعة : الكذِب الساخر
    فقد يستحلي البعض تلفيق الأكاذيب الساخرة ، للتندّر على الناس ، والسخريّة بهم ، وهو لهو عابث خطير ، ينتج الأحقاد والآثام .
    قال الصادق ( عليه السلام ) ، ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً ، يُريد بها شَينه ، وهدم مروّته ليَسقط مِن أعيُن الناس ، أخرجه اللّه تعالى مِن ولايته إلى ولاية الشيطان ، فلا يقبلُه الشيطان )(2) .

    علاج الكذب :
    فجديرٌ بالعاقل أنْ يُعالج نفسُه من هذا المرض الأخلاقي الخطير ، والخُلُق الذميم ، مستهدياً بالنصائح التالية :
    (1) - أنْ يتدبّر ما أسلفناه مِن مساوئ الكذِب ، وسوء آثاره المادّية والأدبيّة على الإنسان .
    (2) - أن يستعرض فضائل الصدق ومآثره الجليلة ، التي نوّهنا
    _____________________
    (1) علل الشرائع .
    (2) الكافي .

    الصفحة34

    عنها في بحثِ الصدْق .
    (3) - أنْ يرتاض على التزام الصدق ، ومجانبة الكذِب ، والدأب المتواصل على مُمارسة هذه الرياضة النفسيّة ، حتّى يبرأ مِن هذا الخُلق الماحق الذميم .

    مسوّغات الكذب :
    لا شك أنّ الكذِب رذيلةٌ مقيتة حرّمها الشرع ، لمساوئها الجمّة ، بَيد أنّ هناك ظروفاً طارئة تُبيح الكذِب وتسوّغه ، وذلك فيما إذا توقّفت عليه مصلحةٌ هامّة ، لا تتحقّق إلاّ به ، فقد أجازته الشريعة الإسلامية حينذاك ، كإنقاذ المسلم ، وتخليصه من القتل أو الأسر ، أو صيانة عرضه وكرامته ، أو حفظ ماله المحترم ، فإنّ الكذِب والحالة هذه واجبٌ إسلاميّ محتّم .
    وهكذا إذا كان الكذِبُ وسيلةً لتحقيق غايةٍ راجحة ، وهدفٍ إصلاحي ، فإنّه آنذاك راجحٌ أو مباح ، كالإصلاح بين الناس ، أو استرضاء الزوجة واستمالتها ، أو مخادعة الأعداء في الحروب .
    وقد صرّحت النصوص بتسويغ الكذِب للأغراض السالفة .
    قال الصادق ( عليه السلام ) : ( كلّ كذِبٍ مسؤول عنه صاحبُه يوماً إلاّ في ثلاثة : رجلٌ كايَد في حربِه فهو موضوع عنه ، أو رجلٌ أصلَح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يُريد بذلك الإصلاح فيما بينهما ، أو رجلٌ وعَد أهله شيئاً وهو لا يُريد أنْ يتمّ لهم )(1) .
    _____________________
    (1) الكافي .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 27-03-2024, 06:44 PM
ردود 0
9 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة مروان1400, 26-03-2024, 06:41 AM
ردود 0
13 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة مروان1400
بواسطة مروان1400
 
يعمل...
X