إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حرب الجمل..الجزء الخامس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حرب الجمل..الجزء الخامس

    وأخرج ( 197 ) عن ابن أبي ليلى . قال : كتب علي إلى أهل الكوفة : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فإني اخترتكم والنزول بين أظهركم لما أعرف من مودتكم وحبكم لله عزوجل ولرسول صلى الله عليه وآله ، فمن جاءني ونصرني فقد أجاب الحق وقضى الذي عليه .


    وعن أبي الطفيل ( 198 ) قال : قال علي : يأتيكم من الكوفة اثنا عشر ألف رجل ورجل ، فقعدت على نجفة ذي قار ، فأحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا .

    وروى الطبري ( 199 ) وقال : وبلغ الخبر عليا يعني خبر السبعين الذين قتلوا مع العبدي بالبصرة فأقبل يعني عليا في اثني عشر ألفا فقدم البصرة وجعل يقول : يا لهف نفسي على ربيعة * ربيعة السامعة المطيعة سنتها كانت بها الوقيعة

    وفي تذكرة سبط ابن الجوزي في ذكر حرب الجمل ( 200 ) : ثم إن عليا لما قارب البصرة كتب إلى طلحة والزبير وعائشة ومن معهم كتابا لتركيب الحجة عليهم : بسم الله الرحمن الرحيم . من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى طلحة والزبير وعائشة سلام عليكم ! أما بعد يا طلحة والزبير ! قد علمتما

    ( 197 ) الطبري 5 / 184 ، وط . أوربا 1 / 3139 .
    ( 198 ) الطبري 5 / 199 ، وط . أوربا 1 / 3173 3174 .
    ( 199 ) الطبري 5 / 204 ، وط . أوربا 1 / 3184 3485 .
    ( 200 ) تذكرة الخواص ، الباب 4 ، في ذكر خلافته ( ع ) ، ص 69 . ( * )

    - ج 1 ص 199 -


    أني لم أرد البيعة حتى أكرهت عليها ، وأنتما ممن رضي ببيعتي ، فإن كنتما بايعتما طائعين فتوبا إلى الله تعالى ، وارجعا عما أنتما عليه ، وإن كنتما بايعتما مكرهين ، فقد جعلتما لي السبيل عليكما بإظهاركما الطاعة وكتمانكما المعصية .

    وأنت يا طلحة ! يا شيخ المهاجرين ! وأنت يا زبير ! يا فارس قريش ! ودفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه فكان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما ، وأنت يا عائشة ! فإنك خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ، ثم تزعمين أنك تريدين الإصلاح بين المسلمين فخبريني ما للنساء وقود الجيوش والبروز للرجال والوقوع بين أهل القبلة ، وسفك الدماء المحترمة ؟ ثم إنك طلبت على زعمك دم عثمان ، وما أنت وذاك وعثمان رجل من بني أمية وأنت من تيم ؟ ! ثم أنت بالأمس تقولين في ملا من أصحاب رسول الله : اقتلوا نعثلا فقد كفر ، ثم تطلبين اليوم بدمه ! فأتقي الله وارجعي إلى بيتك ، واسبلي عليك سترك والسلام . فما أجابوه بشئ .


    وفي رواية أخرى ( 201 ) فأجابت : " يا ابن أبي طالب ! جل الأمر عن العتاب ، ولن ندخل في طاعتك أبدا فاقض ما أنت قاض والسلام " . وفي تاريخ ابن أعثم : أن طلحة والزبير لم يكتبا إليه ولكنهما أجاباه " إنك سرت مسيرا له ما بعده ، ولست راجعا وفي نفسك منه حاجة ، فامض لأمرك . أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك ، ولسنا بداخلين فيها أبدا فاقض ما أنت قاض " .


    وقد روى المؤرخ الواسع الاطلاع بأخبار العراق أبو مخنف لوط بن يحيى

    ( 201 ) الامامة والسياسة 1 / 55 و 62 ، وجمهرة رسائل العرب 1 / 379 ،
    وكتاب الفتوح لابن أعثم 2 / 301 302 . ط حيدر آباد . ( * )

    - ج 1 ص 200 -


    في كتابه : " الجمل " ( 202 ) تفصيلا وافيا عن ورود عائشة وطلحة والزبير البصرة حيث قال : إن الزبير وطلحة أغذا السير بعائشة حتى انتهوا إلى حفر أبي موسى الأشعري ( * ) وهو قريب من البصرة ، وكتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وهو عامل علي على البصرة أن اخل لنا دار الإمارة ، فلما وصل كتابهما إليه بعث إلى الأحنف بن قيس ( 203 ) فقال له : إن هؤلاء القوم قدموا علينا ، ومعهم زوجة رسول الله ، والناس إليها سراع كما ترى .


    ( 202 ) أخرجه ابن أبي الحديد في شرحه لخطبته عليه السلام : " فخرجوا يجرون حرمة رسول الله " في الجزء التاسع من تجزئة المؤلف ( 2 / 497 501 ) .
    وأبو مخنف هو لوط بن يحيى بن مخنف بن سليمان الازدي كان جده مخنف من أصحاب علي ، وكان أبو مخنف راويا اخباريا صاحب تصانيف ، وقد عد النديم لابي مخنف في فهرسه ص 136 137 : ثلاثة وثلاثين مؤلفا منها : " كتاب الجمل " . الذي ينقل منه ابن أبي الحديد ما يرويه عن أبي مخنف في حرب الجمل .

    قال النديم في ترجمته " قالت العلماء : أبو مخنف بأمر العراق وأخبارها وفتوحها يزيد على غيره . والمدائني بأمر خراسان والهند وفارس . والواقدي بالحجاز والسيرة ، وقد اشتركوا في فتوح الشام " . توفي أبو مخنف سنة سبع وخمسين ومائة . فوات الوفيات 2 / 288 .

    ( * ) " أغذ السير " : أسرع ، و " حفر " فتحتين ، من معانيها : البئر إذا وسعت فوق قدرها . ويقال لها " حفير " أيضا والاحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة . منها حفر أبي موسى وهو مياه عذبة على جادة البصرة إلى مكة حفره أبو موسى الاشعري . بينه وبين البصرة خمس ليال . معجم البلدان .

    ( 203 ) أبو بحر الضحاك ، وقيل : صخر بن قيس بن معاوية بن حصين المعروف بالاحنف التميمي السعدي . وامه امرأة من باهلة . وسمي الاحنف لحنف رجله فانه كان يطأ على وحشيها أي ظهرها أسلم في عهد النبي ولم يره وكان سيد قومه موصوفا بالعقل والدهاء والعلم والحلم .

    شهد بعض الفتوح في زمن عمر وعثمان ، واعتزل الجمل وشهد صفين مع علي . ولما بايع معاوية ليزيد تكلم الناس في مدحه ، فقال له معاوية " ما بالك لا تقول يا أبا بحر ؟ " فقال : " أخاف الله ان كذبت . وأخافكم ان صدقت " .

    وخرج مع مصعب بن الزبير إلى الكوفة ومات بها سنة سبع وستين على الاشهر عن ثمانين سنة ودفن عند قبر زياد " بالثوية " والثوية بالضم والفتح كان موضعا بظاهر الكوفة فيه ماء عذب وفيه قبور جماعة من الصحابة . الاستيعاب 1 / 56 الترجمة 160 وأسد الغابة 1 / 55 ، ووفيات الاعيان 2 / 186 192 الترجمة 282 . ( * )


    - ج 1 ص 201 -


    فقال الاحنف : إنهم جاءوك للطلب بدم عثمان ، وهم الذين ألبوا على عثمان الناس وسفكوا دمه ، أراهم والله لا يزايلونا حتى يلقوا العداوة بيننا ، ويسفكوا دماءنا ، وأظنهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به إن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم في من معك من أهل البصرة ، فإنك اليوم الوالي عليهم ، وأنت فيهم مطاع ، فسر إليهم بالناس وبادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة ، فيكون الناس لهم أطوع منهم لك .

    فقال عثمان بن حنيف : الرأي ما رأيت . لكنني أكره الشر ، وأن أبدأهم به ، وأرجو العافية والسلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين ورأيه فأعمل به .

    ثم أتاه بعد الاحنف . حكيم بن جبلة من بني عمرو بن وديعة ، فأقرأه كتاب طلحة والزبير ، فقال له مثل قول الاحنف ، وأجابه عثمان بمثل جوابه للاحنف فقال له حكيم : فأذن لي حتى أسير إليهم بالناس ، فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين وإلا نابذتهم على سواء . فقال عثمان : لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم بنفسي .

    قال حكيم : والله لو دخلوا عليك هذا المصر لينتقلن قلوب كثير من الناس إليهم وليزيلنك عن مجلسك هذا ، وأنت أعلم فأبى عليه عثمان .

    قال : وكتب علي إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة : من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف . أما بعد . فإن البغاة عاهدوا الله ، ثم نكثوا ، وتوجهوا إلى مصرك ، وساقهم الشيطان لطلب مالا يرضى الله به ، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ، فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد ، والميثاق الذي فارقونا عليه ، فإن أجابوا فأحسن جوارهم ماداموا عندك ، وإن أبوا إلا التمسك بحبل النكث والخلاف ، فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك وبينهم ، وهو خير الحاكمين .

    وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله .

    - ج 1 ص 202 -


    وكتب عبيدالله بن أبي رافع في سنة ست وثلاثين ( 204 ) : فلما وصلت كتاب علي إلى عثمان أرسل إلى أبي الاسود الدؤلي ( 205 ) وعمران ابن الحصين الخزاعي فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم ، وما الذي أقدمهم ، فانطلقا حتى إذا أتيا حفر أبي موسى ، وبه معسكر القوم ، فدخلا على عائشة ، فسألاها ، ووعظاها ، وأذكراها ، وناشداها الله ، فقالت لهما : إلقيا طلحة والزبير ، فقاما من عندها ولقيا الزبير فكلماه ،

    فقال لهما : إنا جئنا للطلب بدم عثمان ، وندعو الناس إلى أن يردوا أمر الخلافة شورى ليختار الناس لأنفسهم ، فقالا له : إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها ، وأنت تعلم قتلة عثمان من هم ، وأين هم ، وإنك وصاحبك وعائشة كنتم أشد الناس عليه ، وأعظمهم إغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم ، وأما إعادة أمر الخلافة شورى ، فكيف وقد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين ، وأنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله آخذ قائم سيفك تقول : ما أحد أحق بالخلافة منه ، ولا أولى بها منه .

    وامتنعت عن بيعة أبي بكر ( 206 ) ، فأين ذلك الفعل من هذا القول ، فقال لهما : اذهبا فالقيا

    ( 204 ) عبيدالله بن أبي رافع المدني القبطي ، مولى النبي وابن مولاه ومولاته ، وقد سبقت ترجمتهما . إتخذ علي عبيدالله هذا كتابا له وخازنا ، راجع ترجمته في تهذيب التهذيب ج 6 / 10 الترجمة 20 .
    ( 205 ) أبو الأسود الدؤلي ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الديلي بكسر الدال ويقال : الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة : نسبة إلى الدئل بكسر الهمزة ، وهي قبيلة من كنانة . قال ابن خلكان في اسمه ونسبه اختلاف كثير ، وقال : كان من سادات التابعين وأعيانهم .

    صحب عليا وشهد صفين معه . وعلمه أصول علم النحو فنحا نحوه . توفي بالبصرة وعمره خمس وثمانون سنة واختلفوا في وفاته فقيل : كانت سنة تسع وستين في طاعون جارف . وقيل : قبله . وقيل : توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وكانت خلافته 99 101 ه‍ ، وفيات الاعيان 2 / 216 219 والفهرست للنديم 60 62 .

    ( 206 ) راجع : " عبد الله بن سبأ " . المدخل ص 47 52 لتطلع على موقف الزبير يومذاك . وأورد تفصيل محاورة الرسولين مع عائشة وطلحة والزبير ثم مقاتلة عائشة وطلحة والزبير لابن حنيف ، كل من ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 60 61 وابن أعثم في ص 170 من تاريخه ، والعقد الفريد 4 / 313 ومروج الذهب بهامش ابن الاثير 5 / 184 - 185 واليعقوبي 2 / 157 .( * )


    - ج 1 ص 203 -


    طلحة ، فقاما إلى طلحة فوجداه خشن الملمس ، شديد العريكة ، قوي العزم في إثارة الفتنة وإضرام نار الحرب ، فانصرفا إلى عثمان بن حنيف ، فأخبراه وقال له أبو الأسود الدؤلي : يا ابن حنيف قد أتيت فانفر * وطاعن القوم ، وجالد ، واصبر وابرز لها مستلئما وشمر

    فقال ابن حنيف : إي والحرمين لافعلن ، وأمر مناديه ، فنادى الناس : السلاح ، السلاح . فاجتمعوا إليه وقال أبو الأسود الدؤلي :

    أتينا الزبير فداني الكلام * وطلحة كالنجم أو أبعد
    وأحسن قوليهما فادح * يضيق به الخطب مستنكد
    وقد أو عدونا بجهد الوعيد * فأهون علينا بما أو عدوا ( * )

    فأقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد ( * ) قام رجل من بني جشم ( * ) فقال :

    ( * ) " الفادح " : الصعب المثقل . يقال : نزل به أمر فادح ، وركبه دين فادح . و " الخطب " : الامر . وقد غلب استعماله للامر العظيم المكروه . و " المستنكد " : قيل الخير ذو العسر والشدة . يقول : أتينا الزبير فقرب الينا في الكلام . أما طلحة فقد تباعد عنا بعد النجم عن الارض . وأحسن قوليهما لنا : صعب ، شديد ، عسر ، قليل الخير يضيق به الامر ، وقد أو عدونا . . الخ . راجع ديوان أبي الاسود ( ص 103 ) .
    ( * ) " المربد " في اللغة : كل شئ حبست فيه الابل والغنم . وكان مربد البصرة موجودا قبل الاسلام وصارت له أهمية كبيرة بعد تخطيط البصرة من بعد الفتح الاسلامي فقد أصبحت من أشهر محال البصرة وكانت إلى جهة الباب الغربي منها . وكانت تحط فيها القوافل الآتية من البادية . ثم صارت سوقا للادب والدعوات الساسية . فكانت صورة معدلة عن سوق عكاظ ، وفيها دفن طلحة والزبير . راجع البلدان الخلافة الشرقية ، ومعجم البلدان .

    ( * ) بنو جشم عدة أجزاء في العرب ، أربعة منهم من الأنصار ترجمتهم في جمهرة أنساب العرب 319 - 342 . ومنهم : بنو جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ابن عيلان : ترجمتهم في الجمهرة 254 . ومنهم : بنو جشم بن قيس بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ابن قيس عيلان ، وهم ثقيف دخلوا في الازد ، وسكن منهم أناس البصرة .( * )


    - ج 1 ص 204 -


    أيها الناس ! أنا فلان الجشمي ، وقد أتاكم هؤلاء القوم ، فإن أتوكم خائفين ، لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير والوحش والسباع ( * ) ، وإن أتوكم للطلب بدم عثمان ، فغيرنا ولي قتله ، فأطيعوني أيها الناس ! وردوهم من حيث أقبلوا ، فإنكم إن لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس والفتنة الصماء ( * ) التي لا تبقي ولا تذر فحصبه ناس من أهل البصرة فأمسك .

    وقال : اجتمع أهل البصرة إلى المربد حتى ملئوه مشاة وركبانا ، فقام طلحة فأشار إلى الناس بالسكوت ليخطب فسكتوا بعد جهد فقال : أما بعد ، فإن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة والفضيلة ومن المهاجرين الأولين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ، ونزل القرآن ناطقا بفضلهم ، وأحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر وعمر صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان أحدث أحداثا نقمناها عليه فأتيناه فاستعتبناه فأعتبنا ، فعدا عليه امرؤا بتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضا منها ولا مشورة ، فقتله ( * )

    وساعده على ذلك قوم غير أتقياء ولا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا ، وقد جئناكم أيها الناس ! نطلب بدم عثمان وندعوكم إلى الطلب بدمه ، فإن نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به ، وجعلنا هذا الأمر شورى بين المسلمين ، وكانت خلافة رحمة للأمة جميعا فإن كل من أخذ الأمر من غير رضا من العامة ولا مشورة منها ابتزازا كان ملكه عضوضا وحدثا كبيرا ( * ) .

    ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة ، فقام إليهما ناس من أهل البصرة فقالوا لهما : ألم تبايعا عليا في من بايعه ، ففيم بايعتما ثم نكثتما ؟

    ( * ) يقصد به مكة .
    ( * ) " حرب ضروس " : أكول ، عضوض . و " الفتنة الصماء " هي التي لا سبيل إلى تسكينها . ( لسان العرب ) .
    ( * ) يقصد به علي بن أبي طالب .
    ( * ) ملك عضوض : شديد فيه عسف ، وعنف للرعية كأنهم يعضون فيه عضا ( لسان العرب ) . ( * )

    - ج 1 ص 205 -


    فقالا : ما بايعناه ، وما لأحد في أعناقنا بيعة ، وإنما استكرهنا على بيعته . فقال ناس : قد صدقا ، وأحسنا القول ، وقطعنا بالثواب ، وقال ناس : ما صدقا ، ولا أصابا في القول ، حتى ارتفعت الأصوات ، قال : ثم أقبلت عائشة على جملها ، فنادت بصوت مرتفع : أيها الناس ! أقلوا الكلام واسكتوا ، فأسكت الناس لها ، فقالت : إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غير وبدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا ، وإنما نقموا عليه ضربة بالسوط وتأميره الشبان ، وحمايته موضع الغمامة ، فقتلوه محرما في حرمة الشهر ، وحرمة البلد . ذبحا كما يذبح الجمل ، ألا وإن قريشا رمت غرضها بنبالها ، وأدمت أفواهها بأيديها ، وما نالت بقتلها إياه شيئا ، ولا سلكت به سبيلا قاصدا .

    أما والله ليرونها بلايا عقيمة تنبه النائم ، وتقيم الجالس ، وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم يسومونهم سوء العذاب ، أيها الناس ! إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه ، مصتموه كما يماص الثوب الرحيض ( * ) ثم عدوتهم عليه ، فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه ، وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ، ابتزازا وغصبا ، أترونني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه ، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم ! ؟ الا إن عثمان قتل مظلوما ، فاطلبوا قتلته ، فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ، ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان .

    قال : فماج الناس واختلطوا ، فمن قائل يقول : القول ما قالت ، ومن قائل يقول : وما هي وهذا الامر ؟ إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها ، وارتفعت الاصوات ، وكثر اللغط ، حتى تضاربوا بالنعال ، وتراموا بالحصا .

    ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين : فريق مع عثمان بن حنيف ، وفريق مع عائشة

    ( * ) الموص : الغسل اللين ، والدلك باليد . والرخيص : المغسول . ( * )

    - ج 1 ص 206 -


    وأصحابها ( 207 ) .

    قال أبو مخنف : فلما أقبل طلحة والزبير من المربد يريدان عثمان بن حنيف ، فوجداه وأصحابه قد أخذوا بأفواه السكك ، فمضوا حتى انتهوا إلى موضع الدباغين فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة والزبير وأصحابهما بالرماح ، فحمل عليهم حكيم بن جبلة ، فلم يزل هو وأصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك ، ورمتهم النساء من فوق البيوت بالحجارة فأخذوا إلى مقبرة بني مازن ، فوقفوا بها مليا حتى ثابت إليهم خيلهم ، ثم أخذوا على مسناة البصرة حتى انتهوا إلى الزابوقة ثم سبخة دار الرزق ( * )
    فنزلوها وأتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه ، فقال طلحة : يا أبا محمد ! أما هذه كتبك إلينا ؟ قال : بلى .
    قال : فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه ؟ فلعمري ما هذا رأيك ، لا تريد إلا هذه الدنيا مهلا . إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة ، فبايعته طايعا راضيا ، ثم نكثت بيعتك ، ثم جئت لتدخلنا في فتنتك ؟
    فقال : إن عليا دعاني إلى بيعته بعدما بايع الناس ، فعلمت أني لو لم أقبل ما عرضه علي لم يتم لي ، ثم يغري بي من معه .
    قال : ثم أصبحا من غد ، فصفا للحرب ، وخرج عثمان بن حنيف إليهما في أصحابه ، فناشدهما الله والإسلام وأذكرهما بيعتهما عليا ، فقالا : نطلب بدم عثمان .

    ( 207 ) قد أورد هذه المقابلة والمقاتلة أيضا ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 64 65 .
    ( * ) " المسنى " ما يبنى في وجه السيل . و " مقبرة بني مازن " : منسوبة إلى بني مازن بن الازد بن الغوث بن نبت . راجع الجمهرة 311 ، و " السبخة " : بالتحريك الارض الملحة النازة . موضع بالبصرة . و " الزابوقة " في اللغة : شبه دغل في بناء ، أو بيت : يكون له زوايا معوجة . وموضع قرب البصرة كانت فيه وقعة الجمل أو النهار . معجم البلدان . ( * )

    - ج 1 ص 207 -


    فقال لهما : وما أنتما وذاك ، أين بنوه ؟ أين بنو عمه الذين هم أحق به منكم ( 208 ) ؟ كلا والله ، ولكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه ، وكنتما ترجوان هذا الأمر وتعملان له ، وهل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما ؟ ! فشتماه شتما قبيحا وذكر أمه ، فقال للزبير : أما والله لولا صفية ومكانها من رسول الله فإنها أدنتك إلى الظل وإن الأمر بيني وبينك يا ابن الصعبة ( 209 ) يعني طلحة أعظم من القول ، لأعلمتكما من أمركما ما يسوءكما . اللهم إني قد أعذرت إلى هذين الرجلين .

    ثم حمل عليهم واقتتل الناس قتالا شديدا ثم تحاجزوا واصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب الصلح ، فكتب : هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري ومن معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وطلحة والزبير ومن معهما من المؤمنين والمسلمين ومن شيعتهما ، إن لعثمان بن حنيف دار الامارة ، والرحبة ، والمسجد ، وبيت المال ، والمنبر .

    وإن لطلحة والزبير ومن معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة ولا يضار بعضهم بعضا في طريق ، ولا فرضة ( * ) ولا سوق ، ولا شريعة ، ولا مرفق ، حتى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإن أحبوا دخلوا في ما دخلت فيه الأمة ، وإن أحبوا لحق كل قوم بهواهم وما أحبوا من قتال أو سلم أو خروج أو إقامة ، وعلى الفريقين بما كتبوا عهد الله وميثاقه . وأشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد وذمة . وختم الكتاب .


    ورجع عثمان بن حنيف حتى دخل دار الإمارة ، وقال لأصحابه : الحقوا رحمكم الله بأهلكم ، وضعوا سلاحكم وداووا جرحاكم ، فمكثوا كذلك أياما ثم إن

    ( 208 ) لعله يقصد : أن هذا الامر يجب أن يقوم به أولاد عثمان وبنو عمه ، فانهم هم الذين ينبغي أن يسوقوا الجيوش للطلب بثار عثمان .
    ( 209 ) صفية ام الزبير كانت ابنة عبد المطلب وعمة رسول الله ، والصعبة ام طلحة ، بنت عبد الله ابن مالك الحضرمي .
    ( * ) الفرضة من النهر : الثلمة ينحدر منها الماء وتصعد منها السفن ويستقى منها . ( * )

    - ج 1 ص 208 -


    طلحة والزبير قالا : إن قدم علي ونحن على هذا الحال من القلة والضعف ليأخذن بأعناقنا ، فأجمعا على مراسلة القبائل ، واستمالة العرب ، فأرسلا إلى وجوه الناس وأهل الرياسة والشرف ، يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان ، وخلع

    علي ، وإخراج ابن حنيف من البصرة ، فبايعهم على ذلك الازد وضبة وقيس عيلان ( * )، كلها إلا الرجل والرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم ، وأرسلوا إلى هلال بن وكيع التميمي ( * ) فلم يأتهم فجاءه طلحة والزبير

    إلى داره ، فتوارى عنهما ، فقالت له أمه : ما رأيت مثلك ! أتاك شيخا قريش ، فتواريت عنهما ، فلم تزل به حتى ظهر لهما ، وبايعهما ، ومعه بنو عمرو بن تميم كلهم وبنو حنظلة إلا بني يربوع ، فإن عامتهم كانوا شيعة لعلي ، وبايعهم بنو دارم كلهم إلا نفر من بني مجاشع ذوي دين وفضل ( * ) .


    ( * ) الازد . قال ابن منظور : الازد لغة في الاسد . تجمع قبائل وعمائر كثيرة في اليمن . وأزد : أبو حي من اليمن . وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ . وهو أسد ، بالسين أفصح . يقال أزد شنوأة . وأزد عمان . وأزد السراة ، راجع : الاشتقاق 435 و 468 وجمهرة أنساب العرب 311 364 .
    وضبة بن أد بن طابخة . وأكبر قبائل بني ضبة : بنو بكر بن سعد بن ضبة ، قتل منهم سبعمائة بين يدي أم المؤمنين يوم الجمل ، وكان من أشراف المقتولين فيهم يوم ذاك عمرو بن يثربي ، والحصين بن ضرار . جمهرة الانساب 192 195 ، وراجع الاشتقاق 189 .

    وقيس عيلان : قبيلة من مضر نسبة إلى قيس عيلان بن مضر بن نزار ، وبنو جشم من قيس عيلان ، ومنهم عتبة بن غزوان الذي بنى البصرة ، ومنهم المغيرة بن الاحنس الذي قتل مع عثمان يوم الدار . راجع الجمهرة 232 275 والاشتقاق 265 266 .

    ( * ) هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو الدارمي التميمي . قال ابن دريد : وكيع بن بشر ، كان سيد بن تميم ، رأسه عمر بن الخطاب ، وابنه هلال رأسه عمر بعد أبيه . الاشتقاق ص 235 ، وفي الاستيعاب ص 598 : قتل مع عائشة يوم الجمل ، وراجع أسد الغابة 5 / 69 .
    ( * ) وهؤلاء قبائل تميم الذين ذكرهم أبو مخنف : تميم بن مرة بن أد . وبنوه ثلاثة :
    أ - الحارث بن تميم .
    ب - عمرو بن تميم . وبنوه سبعة . وإياهم يقصد قوله : " بنو عمرو بن تميم " .
    ج - زيد مناة . وبنوه خمسة . منهم : مالك بن زيد مناة . وبنو مالك أربعة ، منهم : حنظلة ، وفيهم البيت والعدد . وبنو حنظلة ثمانية منهم : يربوع . ومالك . وبنو يربوع ثمانية . واياهم يقصد في قوله : " إلا بني يربوع " . وبنو مالك أحد عشر وفيهم البيت والعدد من بني حنظلة . ومن بني مالك : دارم واليه كان ينتسب هلال بن وكيع الدارمي . وبنو دارم تسعة ، منهم مجاشع . واياهم يقصد في قوله : " من بني مجاشع " . ومجاشع هو ابن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم . راجع جمهرة أنساب العرب ص 197 220 ، والاشتقاق 201 261 .( * )


    - ج 1 ص 209 -


    فلما استوثق لطلحة والزبير أمرهما خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر ، ومعهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع وظاهروا فوقها بالثياب ، فانتهوا إلى المسجد وقت صلاة الفجر ، وقد سبقهم عثمان بن حنيف إليه ، وأقيمت الصلاة

    فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة والزبير وقدموا الزبير ، فجاءت السبابجة ( * ) وهم الشرط حرس بيت المال ، فأخروا الزبير وقدموا عثمان ، فغلبهم أصحاب الزبير فقدموا الزبير وأخروا عثمان ، ولم يزالوا كذلك

    حتى كادت الشمس أن تطلع ، وصاح بهم أهل المسجد : ألا تتقون الله يا أصحاب محمد ، وقد طلعت الشمس فغلب الزبير فصلى بالناس ، فلما انصرف من صلاته صاح بأصحابه المستسلحين : أن خذوا عثمان بن حنيف ، فأخذوه

    بعد أن تضارب هو ومروان بن الحكم بسيفيهما ، فلما أسر ضرب ضرب الموت ، ونتف حاجباه وأشفار عينيه وكل شعرة في رأسه ووجهه ، وأخذوا السبابجة وهم سبعون رجلا ، فانطلقوا بهم وبعثمان بن حنيف إلى عائشة ،

    فقالت لابان بن عثمان : أخرج إليه فاضرب عنقه فإن الأنصار قتلت أباك ، وأعانت على قتله ، فنادى عثمان : يا عائشة ! ويا طلحة ! ويا زبير ! إن

    ( * ) السبابجة قوم ذوو جلد من السند والهند ، يكونون مع رئيس السفينة البحرية وأحدهم سبيجي وجمعت على سبابجة كالبرابرة وربما قالوا : السابج ، وقال الجوهري : السبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن : لسان العرب . ( * )

    - ج 1 ص 210 -


    أخي سهل بن حنيف خليفة علي بن أبي طالب على المدينة وأقسم بالله إن قتلتموني ليضعن السيف في بني أبيكم ، وأهلكم ، ورهطكم ، فلا يبقي منكم أحدا ، فكفوا عنه وخافوا أن يوقع سهل بن حنيف بعيالاتهم وأهلهم بالمدينة ، فتركوه ، وأرسلت عائشة إلى الزبير : أن اقتل السبابجة ، فإنه قد بلغني الذي صنعوا بك ، قال : فذبحهم والله الزبير كما يذبح الغنم .

    ولي ذلك منهم عبد الله ابنه ، وهم سبعون رجلا ، وبقيتمنهم طائفة مستمسكين ببيت المال قالوا : لن ندفعه إليكم حتى يقدم أمير المؤمنين ، فسار إليهم الزبير في جيش ليلا ، فأوقع بهم وأخذ منهم خمسين أسيرا ، فقتلهم صبرا .


    قال أبو مخنف : فحدثنا الصقعب بن زهير قال : كانت السبابجة القتلى يومئذ أربعمائة رجل ، قال : فكان غدر طلحة والزبير بعثمان بن حنيف أول غدر كان في الاسلام ، وكان السبابجة أول قوم ضرب أعناقهم من المسلمين صبرا ، قال : وخيروا عثمان بن حنيف بين أن يقيم أو يلحق بعلي ، فاختار الرحيل ، فخلوا سبيله فلحق بعلي ، فلما رآه بكى ، وقال : فارقتك شيخا وجئتك أمرد ، فقال علي : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قالها ثلاثا ، فلما بلغ حكيم بن جبلة ما صنع القوم بعثمان بن حنيف خرج في ثلاثمائة من عبد القيس مخالفا لهم ومنابذا ، فخرجوا إليه ، وحملوا عائشة على جمل ، فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر .


    ويوم علي يوم الجمل الأكبر ، وتجالد الفريقان بالسيوف ، فشد رجل من الازد من عسكر عائشة على حكيم بن جبلة ، فضرب رجله فقطعها ، ووقع الازدي عن فرسه ، فجثا حكيم فأخذ رجله فرما بها الازدي ، فصرعه ، ثم دب إليه ، فقتله متكئا عليه ، خانقا له حتى زهقت نفسه ، فمر بحكيم إنسان وهو يجود بنفسه ، فقال : من فعل بك ؟ قال : وسادي ، فنظر فإذا الازدي تحته .

    وكان حكيم شجاعا مذكورا . قال : وقتل مع حكيم إخوة له ثلاثة ، وقتل أصحابه كلهم وهم ثلاثمائة من عبد القيس ، والقليل منهم من بكر بن وائل ( * ) .

    ( * ) انتهت رواية ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة . عبد القيس هم ولد عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار . والنسبة إلى عبدى . منهم حكيم بن جبلة . وبنو صوحان : زيد ، وصعصعة ، وسيحان ، الجمهرة 278 282 ، ولسان العرب . وبكر بن وائل نسبة إلى بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي ، والنسبة إليه بكري ، الجمهرة 285 و 290 308 ولسان العرب .( * )

    - ج 1 ص 211 -


    فلما صفت البصرة لطلحة والزبير بعد قتل حكيم وأصحابه وطرد ابن حنيف عنها ، اختلفا في الصلاة ، وأراد كل منهما أن يؤم بالناس ، وخاف أن تكون صلاته خلف صاحبه تسليما ورضاء بتقدمه ، فأصلحت بينهما عائشة ، بأن جعلت عبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة يصليان بالناس هذا يوما ، وهذا يوما .


    وروى المعتزلي ( 210 ) : أن طلحة والزبير تدافعا الصلاة ، فأمرت عائشة عبد الله أن يصلي قطعا لمنازعتهما ، فإن ظهروا كان الأمر إلى عائشة ، تستخلف من شاءت . . واختلفت الروايات في كيفية السلام على الزبير وطلحة ، فروي أنه كان يسلم على الزبير وحده بالامرة ، فيقال : السلام عليك أيها الأمير ، لان عائشة ولته أمر الحرب .

    وروي أنه كان يسلم على كل واحد منهما بالامرة .


    قال أبو مخنف : ثم دخلا بيت المال في البصرة ، فلما رأوا ما فيه من الأموال ، قال الزبير : " وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ ( 211 ) " . فنحن أحق بها من أهل البصرة . فأخذا ذلك المال كله . فلما غلب علي رد تلك الأموال إلى بيت المال وقسمها في المسلمين ، انتهت رواية أبي مخنف في كتابه : " الجمل " ( 212 ) .

    لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه

    ( 210 ) ابن أبي الحديد 2 / 166 تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم ، وابن أعثم 2 / 290 ط . حيدر آباد 1388 ه‍ باختصار . من الجائز ان أم المؤمنين كانت قد عينت كلا الابنين للصلاة والابوين للامارة ، ثم خصت عبد الله للصلاة وأباه للحرب ، لان عبد الله بن الزبير كان أحب الناس إلى خالته أم المؤمنين وذا تأثير بالغ عليها .
    ( 211 ) سورة الفتح الآية 20 .
    ( 212 ) وقد استخرجناه كما ذكرنا من ابن أبي الحديد 2 / 497 501 . ( * )
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة مروان1400, 14-04-2024, 05:29 AM
ردود 0
16 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة مروان1400
بواسطة مروان1400
 
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 13-04-2024, 07:22 AM
ردود 0
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
يعمل...
X