إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

المتجدد في جواب التحدي السند الصحيح للخطبة الفدكية لسيدتنا الزهراء عليها سلام الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جواب للسيد الميلاني على هذه الشبهه في مؤلفه مسألة فدك وحديث إنا معاشر الأنبياء لانورث :


    رواية أنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً:
    قال: «وروى الكليني في الكافي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قوله: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكنْ ورَّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر»(1).
    قال عنه المجلسي في مرآة العقول(2): «له سندان، الأوّل مجهول، والثاني حسن أو موثّق، لا يقصران عن الصحيح».
    فالحديث إذاً موثّق في أحد أسانيده ويحتجّ به، فلماذا يتغاضى عنه علماء الشيعة رغم شهرته عندهم؟ والعجيب أن يبلغ الحديث مقدار الصحّة عند الشيعة حتّى يستشهد به الخميني في كتابه الحكومة الإسلاميّة، على جواز ولاية الفقيه.
    فلماذا لا يؤخذ بحديث صحيح النسبة إلى رسول اللّه، مع أنّنا مجمعون على أنّه لا اجتهاد مع نصّ؟ ولماذا يستخدم الحديث في ولاية الفقيه ويهمل في قضيّة فدك؟ فهل المسألة يحكمها المزاج؟



    وأقول في جوابه: إنّا نأخذ بهذا الحديث ولا نجتهد مع النصّ ولا نهمله في قضيّة فدك، لكن الرجل لم يهتد إلى معنى الرواية ولم يقف على كلام علماء الشيعة هنا.
    لقد ظنّ الرجل أنّ معنى هذه الرواية هو مفاد ما نسبوا إلى النبي: إنّا معاشر الأنبياء لا نورث، وهذا خطأ فظيع، لأنّ رواية الكليني تقول: «لم يورّثوا» وروايتهم تقول: «لا نورث» وكم الفرق بينهما؟
    إنّ الرواية ـ بحسب ظاهر كلمة لم يورّثوا ـ دليلٌ على كون فدك عطيةً ونحلةً من الرسول لبضعته الطاهرة البتول، فهي حينئذ دليل على خروج فدك عن ملك النبي في حال حياته، فيقع التصادق بينها وبين روايات القوم في ذيل الآية (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ
    )(3).
    لكنّ نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك أشياء فورثوها عنه كما في أخبار الفريقين وأقوال علماء الطائفتين، ممّا يدلّ على بطلان ما نسبوه إليه
    . . . أخرج أحمد بسند صحيح عن ابن عبّاس: «لمّا قبض رسول اللّه واستخلف أبو بكر خاصم العبّاس عليّاً في أشياء تركها صلّى اللّه عليه وسلّم . . .»(4) فهو نصّ في تركه أشياء، وإن كنّا في شك من خصومة علي والعبّاس، ومثله أخبار وأقوال تقدّم بعضها سابقاً.
    فيكون معنى رواية الشيخ الكليني ـ ولا سيّما بقرينة ما سبق: «إنّ العلماء ورثة الأنبياء» ولحوق: «فمن أخذ منه أخذ بحظٍّ وافر» ـ أنّ الأنبياء لم يأتوا لأنْ يجمعوا الأموال ويدّخروا الدنانير والدراهم فيتركوها من بعدهم لورّاثهم، وانّما جاؤوا إلى أُممهم بالعلم والحكمة، وكان همّهم تزكية النفوس وتعليم العلم «فمن أخذ منه أخذ بحظٍّ وافر» إلاّ أنّ هذا لا ينافي أن يتركوا أشياء كانوا يحتاجون إليها في حياتهم كسائر الناس حتّى آخر ساعة مثل «السيف» و«الدابّة» ونحو ذلك، ثمّ يرثها منهم ورثتهم الشرعيّون.
    وبهذا يظهر أن لا فائدة في احتجاج الرجل بهذه الرواية للدفاع عن أبي بكر في قضيّة فدك، بل إنّها تضرّ ما هو بصدده كما لا يخفى.

    ولعلّ في هذه الرواية وأمثالها إشارةً إلى أنّ أصحاب الأنبياء يجب أن يكونوا كالأنبياء علماً وأخلافاً وسيرةً، ليكونوا علماء في الأُمّة يقومون بدور الأنبياء من بعدهم، في تزكية الأُمّة وتعليمها الكتاب والسنّة، لا أن ينتهزوا فرصة صحبة الرسول للوصول إلى المقاصد الدنيويّة.
    ففي هذه الرواية إشارة إلى سوء حال جمع من كبار صحابة الرسول، الذين تركوا الأموال الطائلة والآلاف المؤلَّفة من الذهب والفضّة، خلافاً للسيرة النبويّة والتعاليم الإسلاميّة، حتّى لقد جاء بترجمة طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأمثالهم أشياء مذهلة:
    روى الحافظ الذهبي عن ابن سعد بسنده: إنّه قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف درهم ومئتا ألف درهم، وقوّمت أُصوله وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم.
    ثمّ قال الذهبي: وأعجب ما مرّ بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال: وقد خلّف طلحة ثلاثمئة حمل من الذهب»(5).
    وقال الذهبي: «قال ابن قتيبة: حدّثنا محمّد بن عتبة، حدّثنا أبو أُسامة، عن هشام، عن أبيه: إنّ الزبير ترك من العروض خمسين ألف ألف درهم، ومن العين خمسين ألف ألف درهم. كذا هذه الرواية.
    وقال ابن عيينة عن هشام عن أبيه قال: اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف»(6).
    وأخرج أحمد ـ ورجاله ثقات ـ عن شقيق، قال: دخل عبد الرحمن على أُمّ سلمة فقال: يا أُمّ المؤمنين، إنّي أخشى أنْ أكون قد هلكت، إنّي من أكثر قريش مالاً، بعت أرضاً لي بأربعين ألف دينار. قالت: يا بني، أنفق، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إنّ من أصحابي من لن يراني بعد أنْ أُفارقه»(7).
    نعم، هؤلاء هم الذين لن يروا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولن يكونوا معه في الآخرة، بل يذادون عن حوضه كما يذاد البعير . . . كما في الصحيح المتّفق عليه.
    هذا، وقد كان هؤلاء في بدء أمرهم فقراء لا يملكون شيئاً، انظر مثلاً إلى حال الزبير، إذ تحكي زوجته أسماء بنت أبي بكر ـ كما في رواية البخاري ومُسلم ـ وتقول: «تزوّجني الزبير وما له شيء غير فرسه، فكنت أسوسه وأعلفه . . . قالت: حتّى أرسل إلي أبو بكر بعدُ بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنّما أعتقني»(8).
    أمّا الذين فارقوا الدنيا من الصحابة وما تركوا صفراء ولا بيضاء، فهم الذين يصلحون لأنْ يكونوا قادةً وأُسوة للأُمّة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهم علي أمير المؤمنين وشيعته، كأبي ذر وسلمان والمقداد وعمّار بن ياسر . . . وأمثالهم . . . فقد روى الفريقان عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام أنّه خطب بعد وفاة أبيه فقال: «لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون. كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطيه الراية فلا ينصرف حتّى يفتح له، ما ترك بيضاء ولا صفراء، إلاّ سبعمائة درهم فضل من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله»(9). اهـ
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    (1) الكافي 1 / 34 ح 1 / باب ثواب العالم والمتعلم.
    (2) مرآة العقول 1 / 111 ح 1.
    (3) سورة الإسراء: 17 : 6.
    (4) مسند أحمد 1 / 13.
    (5) سير أعلام النبلاء 1 / 39 ـ 40.
    (6) سير أعلام النبلاء 1 / 65.
    (7) مسند أحمد بن حنبل 6 / 317، 298، 312.
    (8) سير أعلام النبلاء 2 / 290 ـ 291.
    (9) سنن النسائي الكبرى 5 / 112 ح 8418 ، المعجم الكبير 3 / 80 ح 2722 ـ 2725، حلية الأولياء 1 / 65 وغيرها.

    تعليق


    • وقال السيد الميلاني أيضآ في نفس المصدر السابق :
      تكذيب الحافظ ابن خراش صريحاً:
      وثامناً: وأخيراً . . . لقد تقدم ـ في الوجه الرابع ـ أنّ بعض كبار الحفاظ اتّهم رواة الحديث المشتمل على «إنّا معاشر الأنبياء . . .» بالكذب، ومنهم «مالك بن أوس»، إلاّ أنّه قد نصّ أحد كبار الأئمّة الحفّاظ من أعلام القرن الثالث على بطلان خصوص حديث «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» واتّهم «مالك بن أوس» بالخصوص، فاستمع إلى ما قاله الحافظ الذهبي بترجمة الحافظ عبد الرحمن بن يوسف بن خراش:
      «ابن خراش ـ الحافظ البارع الناقد، أبو محمّد، عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش المروزي ثمّ البغدادي، سمع . . . حدّث عنه: أبو سهل القطّان وأبو العبّاس ابن عقدة وبكر بن محمّد الصيرفي وغيرهم.
      قال بكر بن محمّد: سمعته يقول: شربت بولي في هذا الشأن خمس مرّات.
      وقال أبو نعيم: ما رأيت أحداً أحفظ من ابن خراش.
      قال ابن عدي الجرجاني: ذكر بشيء من التشيّع وأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب، سمعت ابن عقدة يقول: كان ابن خراش عندنا إذا كتب شيئاً من باب التشيّع يقول: هذا لا ينفق إلاّ عندي وعندك. وسمعت عبدان يقول: حمل ابن خراش إلى بندار كان عندنا جزءَين صنّفهما في مثالب الشيخين، فأجازه بألفي درهم بنى له بها حجرةً، فمات إذا فرغ منها.
      وقال أبو زرعة محمّد بن يوسف: خرّج ابن خراش مثالب الشيخين وكان رافضيّاً.
      وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش: حديث ما تركنا صدقة؟ قال: باطل، أتّهِمُ مالك بن أوس بالكذب. ثمّ قال عبدان: وقد روى مراسيل وصلها ومواقيف رفعها.
      (قال الذهبي): قلت: جهلة الرافضة لم يدروا الحديث ولا السيرة ولا كيف ثمَّ! فأمّا أنت أيُّها الحافظ البارع الذي شربت بولك ـ إن صدقت ـ في الترحال، فما عُذرك عند اللّه؟ مع خبرتك بالأُمور؟ فأنت زنديق معاند للحق، فلا رضي اللّه عنك.
      مات ابن خراش إلى غير رحمة اللّه سنة 283»(1).
      وقال بترجمته أيضاً بعد أن أورد ما تقدّم: «قلت: هذا معثّر مخذول، كان علمه وبالاً وسعيه ضلالاً، نعوذ باللّه من الشقاء»(2).
      وقال أيضاً: «قلت: هذا ـ واللّه ـ الشيخ المعثّر الذي ضلّ سعيه، فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة والاطّلاع الكثير والإحاطة، وبعد هذا فما انتفع بعلمه، فلا عتب على حمير الرافضة وحواثر جزّين ومشغرا»(3).

      ــــــــــــــــــــــ

      (1) تذكرة الحفّاظ 2 / 684.
      (2) سير أعلام النبلاء 13 / 510.
      (3) ميزان الاعتدال 4 / 330.



      تنبيهان حول الحافظ ابن خراش:

      لقد: ترجم الحافظ الخطيب البغدادي لابن خراش، فذكر مشايخه والرواة عنه، وقال في وصفه: «وكان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق والشام ومصر وخراسان، وممّن يوصف بالحفظ والمعرفة» فلم ينقل كلامه في حديث: نحن معاشر الأنبياء، إنّما أورد ما رواه الذهبي عن ابن عدي عن عبدان، ولكنّه حرّف الكلام، فقال: «أنبأنا أبو سعد الماليني، أخبر أنّ عبد اللّه بن عدي، قال: سمعت عبدان يقول: أجاز بندار ابن خراش بألفي درهم، فبنى بذلك حجرةً ببغداد ليحدّث بها، فما متّع بها ومات حين فرغ منها»(1).
      وابن الجوزي لم يورد هذا ولا ذاك، وإنّما قال بترجمته: «وكان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار، وممّن يوصف بالحفظ والمعرفة، إلاّ أنّه ينبز بالرفض»(2).
      والسيوطي أيضاً ترجم لابن خراش فأورد ما قاله في الحديث لكنْ محرّفاً، قال: «قال عبدان: قلت له: حديث «ما تركنا صدقة»؟ قال: باطل. قال: وقد روى مراسيل . . .»(3) فأسقط من الكلام: «أتّهم مالك بن أوس بالكذب».
      فلاحظ تلاعبهم بالقضايا والأخبار واعتبر!!
      2 ـ اعتماد القوم عليه في سائر المواضع
      إنّه مع ذلك كلّه، لم يسقط هذا العالم الجليل عن الاعتماد، في القضايا الأُخرى ولم تسقط آراؤه في الأحاديث والجرح والتعديل عن الاعتبار في سائر المواضع، فطالما نقلوا آراءَه وعُنُوا بها، فراجع كتبهم المختلفة إنْ شئت ليطمئنّ قلبك، مثل (تهذيب التهذيب) و(هدى الساري ـ مقدمة فتح الباري في شرح البخاري) للحافظ ابن حجر العسقلاني وهو متأخر عن الذهبي، فهل يوافقه المنصف المحقّق المحنّك في خطابه لابن خراش: «فأنت زنديق معاند للحق فلا رضي اللّه عنك»؟! اهـ
      ـــــــــــــــــــــــــ
      (1) تاريخ بغداد 10 / 280.
      (2) المنتظم 7 / 291.
      (3) طبقات الحفّاظ: 301.

      أقول : وكما قال الشيخ حسن المالكي اذا لم يتهم بهذا الحديث مالك ابن أوس وغيره يكفي مخالفته للقرآن الكريم في بطلانه أو يحمل على ماأن ماتركوه صدقه لايورث هذا عنهم فقط وليس كل ماتركوه كما قال مشايخ السرخسي والنحاس
      أو ماتركوا صدقه لأن الصدقه لها نصاب ومده معينه وليس فيه نفي التوريث عنهم كما قال الشيخ حسن المالكي

      تعليق


      • قال الشيخ الدكتور حسن المالكي : من الآثار الفقهية المترتبة على السقيفة: أن الحديث أصبح يرد القرآن، والحديث لا يلزم اتهام صاحبه، لكن قد يسمع ويهم بعكس القرآن. ومثال ذلك حديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) وفي لفظ: (ما تركنا صدقة) فهذا الحديث مخالف للقرآن تماما. فالله تعالى يقول: {وورث سليمان داوود} وقال على لسان زكريا: {وهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} لكن السلطة تمسكت بالحديث. ثم اتت السلفية بحل لم يخطر على بال السلطة يومئذ وهو أن المراد بالوراثة في الآيات: وراثة النبوة لا وراثة المال! ورضي الناس فورا !! ولم يراجعوا سياق الآيات كقول زكريا معللا طلبه: {وإني خفت الموالي من ورائي} فهل خافهم على النبوة؟ ثم لم يتساءل هؤلاء المدافعون عن سرّ بقاء أمهات المؤمنين في بيوت النبي ص، أليس الأولى ألا يرثنها وتكون تلك البيوت صدقة؟
        ثم فصّلوا أحاديث تقول: (لا يرث أهل بيتي شيئا وما تركته فهو لزوجاتي وعمالي)! أو بمعناه وصححوه! فهذا الحديث لأبي هريرة مفصل سياسياً.
        إذاً فالخلاصة هنا: أننا لا تريد هضم حق الخلافة، ولا حق أبي بكر وعمر، ولا سابقتهم ولا فضلهم، لكن هذا شئ، واتخاذ افعالهم دينا شئ آخر.
        اهـ

        تعليق


        • هنا الشيخ الشعراوي يتكلم في هذا المقطع عن كلام الامام علي عليه السلام في خطابه للمصطفى صلى الله عليه واله وسلم بعد دفنه للزهراء عليها السلام
          عنوان المقطع : ما قاله سيدنا على بعد دفن السيدة فاطمة رضى الله عنها
          أنقل من كلام الشيخ الشعراوي موضع الشاهد :

          (وفاضت بين سَحْري ونَحْري نفسك )

          ( هذا وستُخبرك ابنتك عن حال أُمَّتك ، وتضافرها على هضمها )


          https://www.youtube.com/watch?v=cblmuMuVBWw
          http://shamela.ws/browse.php/book-1083/page-14343
          التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 27-07-2017, 01:14 AM.

          تعليق



          • الاستاذ / بشير بن سعد الرشيدي رئيس المجلس البلدي لبلديه الحائط والمحرر في صحيفة الجزيرة السعودية في مقالته عن فدك أنقل منها موضع الشاهد
            قصورها الحجرية بنيت من الصخور العاتية
            الحائط أرض التاريخ والآثار والعيون 1/6
            أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع للهجرة صلحاً
            بناها فدك بن حام بن نوح واستوطنها كثير من القبائل العربية
            حلقات كتبها وصورها: بشير بن سعد الرشيدي



            عرفت الحائط ب«فدك» نسبة لفدك بن حام بن نوح «عليه السلام» أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع للهجرة صلحاً وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا الثلث واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلهم على الجلاء وفعل وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بها عين فوارة ونخيل كثيرة وهي التي قالت فاطمة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحلنيها فقال أبو بكر رضي الله عنه: أريد بذلك شهوداً. فشهد لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فطلب شاهدا آخر فشهدت لها أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجل وامرأتين، فانصرفت ثم أدى اجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعده لما ولي الخلافة، وفتحت الفتوح واتسعت على المسلمين أن يردها إلى ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب يتنازعان فيها، وكان علي رضي الله عنه يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها في حياته لفاطمة رضي الله عنها وكان العباس رضي الله عنه يأبى ذلك ويقول: هي ملك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وارثه فكانا يختصمان إلى عمر رضي الله عنه فيأبى أن يحكم بينهما، فلما ولي عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه الخلافة، كتب إلى عامله بالمدينة، يأمره برد فدك، إلى ولد فاطمة رضي الله عنها فكانت في أيديهم أيام عمر بن عبدالعزيز فلما وليها أبو العباس السفاح دفعها إلي الحسن والحسين بن علي بن أبي طالب فكان هو القيم عليها يفرقها في بني علي بن أبي طالب فلما ولي المنصور الخلافة أعادها إليهم ثم قبضها موسى الهادي، وفي عهد المأمون جاءه رسول بني علي بن أبي طالب فطالب بها فأمر أن يسجل لهم بها فكتب السجل وقرئ على المأمون فقام دعبل الشاعر وأنشد قائلاً:
            أصبح وجه الزمان قد ضحكا
            برد مأمون هاشم فدكا
            وكان ذلك سنة «210» للهجرة وهكذا صار أمر فدك، خليفة يقبضها وآخر يدفعها لآل علي بن أبي طالب.
            وكان لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة لأبي بكر رضي الله عنهما نحلنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تجد لذلك شاهدين كما تقدم وروي عن أم هاني أن فاطمة أتت أبا بكر رضي الله عنه فقالت له: من يرثك؟ فقال: ولدي وأهلي.
            فقالت: فما بالك ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دوننا؟ فقال: يا بنت رسول الله ما ورثت ذهباً، ولا فضة ولا كذا ولا كذا فقالت : سهمنا بخيبر، وصدقتنا بفدك. فقال: يا بنت رسول الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما هي طعمة أطعمنيها الله تعالى في حياتي»، فإذا مت فهي بين المسلمين وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة إنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم وضيفهم، فإذا مت فهو إلى ولي الأمر بعدي» فأمسكت.
            فلما ولي عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه خطب الناس وقص قصة فدك، وخلوصها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
            اهـ

            تعليق



            • جاء في تفسير القمي ج ٢ - الصفحة 155-159:
              (وقال علي بن إبراهيم في قوله " وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى و حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لمَّا بويع لأبي بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار، بعث إلى فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله - منها، فجاءت فاطمة - عليها السلام - إلى أبي بكر، فقالت يا أبا بكر؛ منعتني عن ميراثي من رسول الله وأخرجت وكيلي من فدك، فقد جعلها لي رسول الله - صلى الله عليه وآله - بأمر الله تعالى.
              فقال لها: هاتي على ذلك شهوداً. فجاءت بأمِّ أيمن فقالت: لا أشهد حتى أحتجَّ يا أبا بكر عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت: أنشدك الله؛ ألست تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: إنَّ أمَّ أيمن من أهل الجنَّة؟ قال: بلى. قالت: فأشهد أن َّ الله أوحى إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ، فجعل فدك لفاطمة بأمر الله . وجاء علي - عليه السلام - فشهد بمثل ذلك . فكتب لها كتابا بفدك ودفعه إليها . فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر إن فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلي، فكتبت لها بفدك. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة، فمزقه وقال: هذا فيء المسلمين، و قال: أوس بن الحدثان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله بأنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، فإن عليا زوجُها يجر إلى نفسه، وأم أيمن فهي امرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه. فخرجت فاطمة - عليها السلام - من عندهما باكية حزينة.
              فلما كان بعد هذا جاء علي - عليه السلام - إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار، فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال أبو بكر: هذا فيء المسلمين، فإن أقامت شهوداً أن رسول الله جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه.
              فقال أمير المؤمنين - عليه السلام - : يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا . قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ادَّعيتُ أنا فيه، مَن تسأل البينة؟ قال: إياك كنتُ أسأل البينة على ما تدّعيه على المسلمين.
              قال - عليه السلام - : فإذا كان في يدي شيء وادعى فيه المسلمون، فتسألني البينة على ما في يدي وقد ملكته في حياة رسول الله - صلى الله عليه وآله - وبعده، ولم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهوداً، كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟!
              فسكت أبو بكر. ثم قال عمر: يا علي دعنا من كلامك؛ فإنا لا نقوى على حُجَجِك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلا فهو فيء المسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيه.
              فقال أمير المؤمنين - عليه السلام - : يا أبا بكر؛ تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ؛ فيمن نزلت أفينا أم في غيرنا؟
              قال: بل فيكم.
              قال: فلو أن شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة، ما كنت صانعاً؟
              قال: كنت أقيم عليها الحد، كما أقيم على سائر المسلمين.
              قال: كنتَ إذاً عند الله من الكافرين.
              قال: ولم؟
              قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل رسول الله - صلى الله عليه وآله - لها فدك، وقبضتْهُ في حياته، ثم قبلتَ شهادة أعرابي بائل على عقبه عليها، فأخذتَ منها فدك، وزعمت أنه فيء المسلمين، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - : البينة على من ادَّعَى، واليمين على من ادُّعي عليه.
              قال: فدمدم الناسُ، وبكى بعضُهم، فقالوا: صدق والله عليٌّ.
              ورجع علي - عليه السلام - إلى منزله قال: ودخلت فاطمة إلى المسجد وطافت بقبر أبيها عليه وآله السلام وهي تبكي وتقول:
              إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا وكل الخير محتجب وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب فقمصتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب فكل أهل له قرب ومنزلة * عند الاله على الادنين يقترب أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الكثب فقد رزينا بما لم يرزأه أحد * من البرية لا عجم ولا عرب وقد رزينا به محضا خليقته * صافي الضرائب والأعراق والنسب
              فأنت خير عباد الله كلهم * وأصدق الناس حين الصدق والكذب فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بهمال لها سكب سيعلم المتولي ظلم خامتنا * يوم القيامة أنى كيف ينقلب
              قال: فرجع أبو بكر إلى منزله وبعث إلى عمر فدعاه ثم قال: أما رأيت مجلس علي منا اليوم، والله لان قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا فما الرأي؟ قال عمر الرأي أن تأمر بقتله، قال فمن يقتله؟ قال خالد بن الوليد فبعثا إلى خالد فأتاهما فقالا نريد أن نحملك على أمر عظيم، قال حملاني ما شئتما ولو قتل علي بن أبي طالب، قالا فهو ذاك، فقال خالد متى أقتله؟ قال أبو بكر إذا حضر المسجد فقم بجنبه في الصلاة فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه، قال نعم فسمعت أسماء بنت عميس ذلك وكانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها اذهبي إلى منزل علي وفاطمة فاقرئيهما السلام وقولي لعلي ان الملا يأتمرون بك ليقتلوك فارج أنى لك من الناصحين فجاءت الجارية اليهما فقالت لعلي عليه السلام ان أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام وتقول ان الملا يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج أنى لك من الناصحين، فقال علي (ع) قولي لها ان الله يحيل بينهم وبين ما يريدون.
              ثم قام وتهيأ للصلاة وحضر المسجد ووقف خلف أبى بكر وصلى لنفسه وخالد بن الوليد إلى جنبه ومعه السيف فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال وخاف الفتنة وشدة على وبأسه فلم يزل متفكرا لا يجسر ان يسلم حتى ظن الناس انه قدسها، ثم التفت إلى خالد فقال يا خالد لا تفعل ما أمرتك به السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا خالد ما الذي أمرك به؟
              قال امرني بضرب عنقك، قال وكنت تفعل؟ قال إي والله لولا أنه قال لي لا تفعل لقتلتك بعد التسليم، قال فأخذه علي (ع) فضرب به الأرض واجتمع الناس عليه فقال عمر يقتله ورب الكعبة فقال الناس يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب هذا القبر فخلى عنه، قال فالتفت إلى عمر وأخذ بتلابيبه وقال يا بن الصهاك لولا عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ثم دخل منزله.اهـ
              قال المحقق الدكتور الشيخ أحمد الماحوزي : سنده صحيح وكذلك صحيح عند السيد الخوئي

              تعليق


              • الملل والنحل للشهرستاني الناشر مؤسسة الحلبي ج1ص23 - المكتبة الشاملة أنقل بالنص والهامش :

                الخلاف السادس: في أمر فدك4 والتوارث عن النبي عليه السلام، ودعوى فاطمة عليها السلام وراثة تارة، وتمليكا أخرى، حتى دفعت عن ذلك بالرواية المشهورة عن النبي عليه السلام: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة". اهـ

                ـــــــــــــــــــــــــــــ
                4 فدك: قرية شمال المدينة, كانت لليهود، ولما انهزم يهود خيبر خشي يهود فدك على أنفسهم فسلموا قريتهم للنبي عليه السلام دون قتال فكانت خالصة له ينفق منها على نفسه، وعلى بعض المحتاجين من بني هاشم.

                تعليق


                • الشيخ السني محمد خير الطرشان في مقالته قبسات من سيرة الزهراء (2) أنقل منها موضع الشاهد :

                  فاطمة الشاعرة:
                  إذا كان التوافق موجوداً في كل شيء بين السيدة فاطمة وسيدنا علي، وقد كان سيدنا علي معروفاً بأنه فصيح اللسان، قوي الحجة والبيان، فهل كانت كذلك السيدة فاطمة؟؟
                  نعم. فإنها تعدّ إحدى النساء البليغات عبر العصور، فقد أحصى صاحب كتاب "أعلام النساء" الفواطمَ في العصور الإسلامية، ممن قُلن الشعر، وعَرفن الأدب والحجة والبيان، وممن تفقّهن وتصوّفن، فبلغ عددهن (235) خمساً وثلاثين ومئتين، من بينهن السيدة فاطمة، وهي على رأسهن
                  .
                  والتي كانت بدايتها مع الشعر، عندما كانت ترقص ولدها الحسين - رضي الله عنه - وكان أشبه الناس برسول الله، تُرقصه وهي تقول:
                  إنّ بنـي شـبـهُ النـبــيّ لـيـس شـبيـهاً بـعـليّ
                  ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت نثراً لا زلنا نترنم ونرقق به قلوبنا حتى اليوم، قالت له: "يا أبتاه! واكرباه!"، وذلك في لحظات الاحتضار، فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا كرب على أبيك بعد اليوم". صحيح ابن حبان.
                  ثم قالت بعد أن جاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بروحه: "يا أبتاه! أجاب رباً دعاه، يا أبتاه! من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه". وبعد دفنه لقيت أنس بن مالك، فقالت: يا أنس! كيف طابت أنفسُكم أن تحثوا على رسول الله التراب؟!! ثم بكت، وقالت ترثيه:
                  اغبرّ آفاقُ السـماء وكوّرت شمس النهار، وأظلم العصرانِ
                  فالأرض من بعد النبيّ كئـيبةٌ أسـفاً عليه كثيرةُ الرّجَفـانِ
                  فلْيبكِِهِ شـرقُ البلاد وغربُها ولْتـبكه مُضـرٌ وكلُّ يمـانِ
                  وليبكه الطـودُ العظيمُ وجودهُ والبيت ذو الأستار والأركانِ
                  يا خاتمَ الرسـلِ المبارك ضوؤهُ صلّى عليكَ منـزِّلُ القـرآنِ
                  ووقفت السيدة فاطمة على قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، وأخذتْ قبضةً من ترابٍ، فوضعتْها أمام عينها تشمّها وتبكي، ثم أنشأت تقول:
                  ماذا عـلى مـن شـمّ تربة أحمدا أن لا يشَـمَّ مدى الزمان غَوالـيا
                  صُـبّت عليّ مصـائبٌ لـو أنّها صُـبَّتْ على الأيـام صِرن ليالـيا
                  فمَن تحمّل المصائب مثل ما تحمّلت السيدة فاطمة؟ التي فقدت أمها وهي صغيرة، ثم فقدت أختها الكبرى، ثم فقدت أختيها "أم كلثوم ورقية" وبقيت وحيدة مع سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم!!
                  وكان من آخر ما قالت تودّع به الدنيا على قبره عليه الصلاة والسلام:
                  إنّا فـقدناك فقدَ الأرضِ وابِِلَـها وغابَ مُذ غِبتَ عنّا الوحيُ والقلمُ
                  فليـتَ قبـلكَ كان الموتُ صادَفنا لما نُعـتَ وحالَتْ دونكَ الكُثُـبُ اهـ
                  ـ

                  تعليق


                  • قالوا في الرد على من يقول أن النبي صلى الله عليه واله وسلم ورث أبويه فورث عن أبيه منزله ومملوكته أم أيمن وشقران اللذين أعتقهما موليين له، قيل له: إنما كان ذلك قبل أن يؤتيه الله النبوة فلما آتاه إياها أعاد أحكامه إلى الأحكام التي توفاه عليها من منعه الميراث عن غيره، ومن منع غيره الميراث عنه، وإنما يرث الناس من حيث يرثون، فإذا كان صلى الله عليه وسلم غير موروث كان غير وارث
                    جاء في شرح مشكل الآثار (3/ 12) للطحاوي :

                    982 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا عبد الله بن داود الخريبي، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، قال: كنت جالسا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق فأتاه رجل، فقال: يا أبا الدرداء جئتك من المدينة مدينة [ص:11] الرسول صلى الله عليه وسلم بحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا جئت لحاجة؟ قال: لا، قال: ولا جئت لتجارة؟ قال: لا، قال: ولا جئت إلا لهذا الحديث قال: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سلك طريقا يطلب علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض وكل شيء حتى الحيتان في جوف الماء، إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء صلوات الله عليهم لم يورثوا دينارا ولا درهما وورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
                    قال أبو جعفر: وزكريا صلى الله عليه وسلم منهم، فلم يورث شيئا من المال. فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل: {وورث سليمان داود} ، فإن ذلك عندنا - والله أعلم - هو ما كانت الأنبياء تورثه مما هو سوى الأموال، فإن قال: فقد كان سليمان في حياة داود صلى الله عليهما نبيا فما الذي ورثه عنه؟ قيل له: ورث عنه حكمته وما يورث عن مثله، وكان ذلك مضافا إلى نبوته التي كانت معه قبل ذلك.
                    فإن قال: فقد ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه، فورث عن أبيه منزله ومملوكته أم أيمن وشقران اللذين أعتقهما موليين له، قيل له: إنما كان ذلك قبل أن يؤتيه الله النبوة فلما آتاه إياها أعاد أحكامه إلى الأحكام التي توفاه عليها من منعه الميراث عن غيره، ومن منع غيره الميراث عنه، وإنما يرث الناس من حيث يرثون، فإذا كان صلى الله عليه وسلم غير موروث كان غير وارث وفيما ذكرنا بيان لما وصفنااهـ
                    أقول : قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي في محاضرته شرح متن الرحبية [5] :

                    ويمكن أن نضيف إلى ما ذكر النبوة، فالنبوة تمنع الإرث من جهة واحدة معناه من كان نبيا فإنه لا يورث ولكنه يرث، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، فالنبوة مانعة مع قيام السبب، فالسبب مثلا البنوة أو الأخوة أو الأمومة أو نحو ذلك أي النسب ونحوه والنكاح وغير ذلك من أسباب الإرث قائمة، ومع ذلك لا يرثون نبيا مات، ولا يرد على هذا بقول الله تعالى: {وورث سليمان داود} لأنه لا يقصد أنه ورثه في المال، وإنما يقصد أنه قام مقامه في الخلافة في الأرض، (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) فقد استخلف الله سليمان مكان داود فاعتبر ذلك ميراثا كما أن الله هو وارث الأرض ومن عليها، (ونحن خير الوارثين) كما قال الله سبحانه وتعالى عن نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم وارث للأنبياء الذين قبله ومعنى ذلك أنه خالف لهم، أما الجهة الأخرى وهي كون النبي يرث ممن يرثه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث دار آمنة بنت وهب وورث من أبيه شقران وبركة أم أيمن وقطعة من الغنم وقطعة من الإبل أيضا، وفي ذلك يقول الشيخ محمد عالي رحمة الله عليه:
                    قد ورث النبي أم أيمنا من أبه فوالها ما أيمنا
                    وقطعة من إبل لا يغتنم مثالها وثلة من الغنم
                    وهكذا ورث دار الأم ودار زوجه النبي الأمي
                    دار خديجة بنت خويلد. وقد يعترض على عد النبوة مانعا من موانع الإرث بأنها تمنع جانبا واحدا
                    اهـ

                    أقول : الشيخ الددو قال أن سليمان عليه السلام ورث والده فقال معنى ذلك خلفه بعده وأتى بعده وقام مقامه بعده وهذا رد على من يزعم على أن زكريا رحل بعد ابنه ، أيضآ قال أن النبي يرث ولايورث وهذا رد على من يقول أن النبي يرث قبل كونه نبيا !!فثبت بذلك أن النبي كان يرث فهو يورث
                    التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 16-09-2017, 08:51 PM.

                    تعليق




                    • جاء في حاشية شيخ زاده على تفسير البيضاوي - 4 ص376-377 :
                      ولأجل هذا السؤال ذكر المفسرون ههنا وجهين الأول وهو أن أموال بني النضير أخذت بعد القتال لأنهم حوصروا أيامآ وقاتلوا وقتلوا ثم صالحوا على الجلاء فوجب أن تكون تلك الأموال من جملة الغنائم لامن جملة الفيء ولأجل هذا السؤال ذكر المفسرون ههنا وجهين الأول أن هذه الآية مانزلت في قرية بني النضير لأنهم أوجفوا عليهم بالخيل والركاب وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بل هو في فدك وذلك لأن أهل فدك انجلوا عنه فصارت تلك الأموال والقرى في يد الرسول صلى الله عليه وسلم من غير حرب فكان عليه الصلاة والسلام يأخذ من غلة فدك نفقته ونفقة من يعوله ويجعل الباقي في السلاح الكراع فلمات مات عليه الصلاة والسلام ادعت فاطمة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام كان ملكها فدك فقال أبوبكر رضي الله عنه أنت أعز الناس علي نفرا وأحبهم الي غنى لاأعرف صحة قولك ولايجوز لي أن أحكم بذلك فشهد لها أم أيمن ومولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب منها أبوبكر الشاهد الذي يجوز قبول شهادته في الشرع فلم تلق اهـ

                      تعليق


                      • تصحيح الخطبة الفدكية على مبنى العلامه الألباني في إحتجاجه بما ورد في النهاية لابن الأثير على أن أبابكر الخالفه بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وليس خليفته كما قال عن نفسه

                        هنا جواب العلامه الألباني على هذا السؤال : ما معنى الخلافة والاستخلاف لغة وشرعاً؟

                        الجواب: السائل يسأل: ما معنى الخلافة والاستخلاف لغةً وشرعا ً؟ ، قال رحمه الله :ليس هناك فرق بين اللغة والشرع في هذه المسألة فكلاهما متحد فيها، لكن الشرع يؤكد التزام اللغة في ذلك.الخلافة هي مصدر، كما جاء في القاموس يقال: خلفه خلافةً، أي: كان خليفته -ولاحظوا تمام التعبير- وبقي بعده. ومما جاء في القاموس: الخليفة السلطان الأعظم كالخليف، أي: يقال بالتذكير والتأنيث، الخليف والخليفة، والجمع خلائف وخلفاء. هذا ما في القاموس، لكن الشيء البديع ما في النهاية في غريب الحديث والأثر لـابن الأثير، فقد ذكر أثراً فانتبهوا له! يقول: جاء أعرابيٌ فقال لـأبي بكر : أنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا. قال: فما أنت إذا كنت تقول لست خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:أنا الخالفة بعده] أي: الذي يأتي بعده، أما أن يكون خليفة فلا، لماذا؟ لأن معنى الخليفة فيه معنى دقيق على ما كنا نعبر عنه إجمالاً ونستنكر في التعبير، بأن الإنسان خليفة الله في الأرض، من أجل ذلك المعنى الذي يوضحه لنا الآن الإمام ابن الأثير، يقول: فقال: [أنا الخالفة بعده[ أبو بكر لم يرض لنفسه أن يقول: إنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قال: [أنا الخالفة بعده] أي: جاء من بعده فقط، يفسر ابن الأثير فيقول: الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسدُّ مسدَّه، والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخلفاء .. إلى آخره. فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو بشر لم يرض أبو بكر الصديق أن يقول: إنه خليفته؛ لأن معنى الخلافة بهذه اللفظة: أنه ينوب مناب الذي خلف ومضى وهو الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يمكن لـأبي بكر مهما سما وعلا أن يداني كماله عليه الصلاة والسلام (1)

                        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



                        [ * النهاية في غريب الأثر - ابن الأثير ]
                        الكتاب : النهاية في غريب الحديث والأثر
                        المؤلف : أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري
                        الناشر : المكتبة العلمية - بيروت ، 1399هـ - 1979م
                        تحقيق : طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي
                        عدد الأجزاء : 5
                        لمه } ( ه ) في حديث فاطمة [ أنها خرجت في لمة من نسائها تتوطأ ذيلها إلى أبي بكر فعاتبته ] أي في جماعة من نسائها (4/624)
                        http://islamport.com/d/3/lqh/1/67/672.html

                        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        (1) محاضرة مواضيع متنوعة في العقيدة - للشيخ : ( محمد ناصر الدين الألباني )

                        تعليق


                        • الشيخ السني عمرو الشرقاوي في تفسير وتدبر سوة مريم أنقل من كلامه موضع الشاهد :

                          وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا"، يعني يلي أمري من بعدي إذا أنا مت، هو اللي يتحمل مسؤولية الدين، شوف حرص زكريا -عليه السلام- على الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، وحرص زكريا -عليه السلام- أن يصل الدين إلى الناس، يعني لما يموت هو أدى ما عليه، لأ، هو لازم يطمن على دين ربنا -سبحانه وتعالى-، لابد أن يترك بعده من يقوم بالدين كقيامه -عليه السلام-، يقول:"يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ" بعض المفسرين قال: إن الأنبياء قبل نبينا -عليه الصلاة والسلام- كان عادي المال يتوارث، فقال: "يَرِثُنِي"، يعني يرث مالي "وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"، يعني الحكمة والنبوة، وقال بعضهم وهو الصحيح: لأ، إن مقصود زكريا -عليه السلام- "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"،يعني يرث الحكمة والنبوة والقيام بشأن الدين "وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"،اللي هو جده، لأن سيدنا زكريا -عليه السلام- من أبناء يعقوب من أبناء إسرائيل. اه

                          تعليق


                          • أنقل من تفسير الطبري وهو من أصح التفاسير كما قال الشيخ ابن تيميه ج18 ولايطبق على أسانيد التفاسير قواعد أهل الحديث كما قال الشيخ صالح ال الشيخ :
                            وقوله : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) يقول : يرثني من بعد وفاتي مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة ، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب .
                            وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

                            ذكر من قال ذلك :
                            حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) يقول : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
                            حدثنا مجاهد ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
                            حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة . [ ص: 146 ]
                            حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أخي زكريا ، ما كان عليه من ورثة ماله حين يقول فهب لي من لدنك وليا ، يرثني ويرث من آل يعقوب "
                            حدثنا الحسن ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " يرحم الله زكريا وما عليه من ورثته ، ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد " . اهـ
                            أقول : لنرى علة قول من قال أن الميراث يطلق حقيقه على المال ولايمكن اطلاقه على النبوة والعلم :

                            ... فقال ابن عباس و مجاهد و قتادة و أبو صالح: خاف أن يرثوا ماله وأن ترثه الكلالة فأشفق من ذلك وروى قتادة والحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يرحم الله أخي زكرياء ما كان عليه ممن يرث ماله. (1)
                            واحتج من حمل اللفظ على وراثة المال، بالخبر والمعقول: أما الخبر فقوله عليه السلام: « رحم الله زكريا ما كان له من يرثه » وظاهره يدل على أن المراد إرث المال. و أما المعقول فمن وجهين: الأول: أن العلم والسيرة و النبوة لاتورث بل لاتحصل إلا بالاكتساب فوجب حمله على المال. الثاني: أنه قال « و اجعله رَبّ رَضِيّاً » و لو كان المراد من الإرث إرث النبوة لكان قد سأل جعل النبي صلى الله عليه وسلم رضياً و هو غير جائز لأن النبي لا يكون إلا رضياً معصوماً. (2)
                            أما قوله تعالى: «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودُ» فقد اختلفوا فيه، فقال الحسن المال لأن النبوة عطية مبتدأة ولا تورث. (3)
                            أقول : العلم ورثه نبي الله سليمان من الله عزوجل فهو الذي آتاه العلم ويقول الشيخ الدكتور النابلسي لانه اتى بعد والده وبه مميزاته قالوا انه ورثه والوراثه للعلم من الله عزوجل
                            التفسير المطول - سورة النمل 027 - الدرس (03-18): تفسير الآيات 15 - 19
                            لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1989-12-22
                            وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُود (16) ميراثُ العلم أفضل ميراثٍ:
                            هذه الوراثة ليست وراثة مالٍ أو نبوَّة ؛ ولكنَّها وراثة العلم، لأن النبوَّة كما تعلمون في علم العقيدة لا تُوَّرَّث، ولكن الله عزَّ وجل أشار بهذه الوراثة إلى وراثة العلم، أي كما كان داود عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام أوتي العلم كذلك أوتي ابنه سليمان العلم،فكأنَّما سليمان ورث العلم من الله عزَّ وجل، وجاء بعد أبيه داود، فكأنَّما ورث هذه المكانة، وورث هذه المنزلة، وهذا المقام اهـ
                            تأمل أخي القارئ ماجاء هنا في قول الامام مالك أن ماهون عليه أن العلم لايورث فلايرثه إبنه :

                            قال الزبير : كان لمالك ابنة تحفظ علمه ( يعني الموطأ )، وكانت تقف خلف الباب، فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه،
                            وكان ابنه محمد يجيء - وهو يحدِّث - وعلى يده باشق ونعل كتب فيه، وقد أرخى سراويله، فيلتفت مالك إلى أصحابه ويقول : إنما الأدب مع الله، هذا ابني وهذه ابنتي
                            قال الفروي : كنا نجلس عنده، و ابنه يدخل ويخرج ولا يجلس، فيُقبِل علينا ويقول : إنّ ممّا يهوِّن عليّ أنّ هذا الشأن لا يوَرَّث . اهـ . (4)
                            قال الشيخ ابن جبرين في كلامه عن تحصيل العلم والرحلة إليه :

                            ثم نقول بعد ذلك: إن طلب العلم يحتاج إلى جهد، ويحتاج إلى مواصلة؛ مواصلة تعلم، ولا يكفي أن يتعلم وقتا قصيرا ثم ينقطع عن الطلب؛ فيكون بذلك معرضا علمه للنسيان؛ يذهب علمه من ذاكرته بدل ما تعب عليه؛ بل لا بد من ملازمة العلم زمنا طويلا.
                            لقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- يلازمون العلم حتى يقول بعضهم: اطلب العلم من المهد إلى اللحد؛ أي: لا تنقطع عنه وقتا من الأوقات؛ بل عليك أن تواصل الطلب إلى أن يأتيك أجلك، ويقول بعضهم: من المحبرة إلى المقبرة. المحبرة الدواة التي يكتب بها الفوائد. لا شك أن هذا دليل على اهتمامهم -رحمهم الله– بالعلم؛ حيث يقولون: إن العلم ليس له منتهى، وإن طالب العلم لا يقف عند حد؛ بل يواصل الطلب، فكلما تزود علما انفتحت عليه أبواب أخرى تحتاج إلى أن يتعلمها؛ هكذا يكون طالب العلم لا ينتهي عند حد.
                            وأُثِرَ عن الإمام الشافعي -رحمه الله- فائدة في طلب العلم؛ رأيتها مكتوبة؛ لا أدري من أي كتاب نقلت، وسمعتها من عدد من المشائخ؛ يقول: (العلم بقي اللزام، بعيد المرام، لا يدرك بالسهام، ولا يرى في المنام، ولا يورث عن الآباء والأعمام؛ إنما هو شجرة لا تصلح إلا بالغرس، ولا تغرس إلا في النفس، ولا تسقى إلا بالدرس، ولا يحصل إلا لمن أنفق العينين، وجثا على الركبتين، ولا يحصل إلا بالاستناد إلى الحجر، وافتراش المدر وقلة النوم، وصلة الليل باليوم. انظر إلى من شغل نهاره بالجمع وليله بالجماع؛ أيخرج من ذلك فقيها؛ كلا -والله- حتى يعتضد الدفاتر، ويستحصل المحابر، ويقطع القفار، ولا يفصل في طلبه بين الليل والنهار).
                            هكذا أثرت هذه الفائدة عن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يمثل بها العلم الذي قام به، والعلم الذي أوصى به تلامذته، وهو أنهم كانوا يجتهدون في التعلم؛ فيقطعون القفار؛ أي: المسافات الطويلة؛ حتى يغيب أحدهم عن أهله أشهرا أو سنوات.

                            فقد كان الإمام أحمد -رحمه الله- يسافر مسيرة نحو أربعة أشهر؛ يغيب عن أهله للتزود من العلم، وكذلك كثير منهم غابوا سنوات، وفتح الله تعالى عليهم ورزقهم. لا شك أن هذا دليل على أن العلم ليس سهل التناول؛ لا يتناول بالراحة؛ بل لا بد أن يجد فيه ويجتهد؛ حتى يقطع القفار، ويستحصل المحابر، يعتضد الدفاتر؛ الدفاتر التي يكتب فيها؛ أي: يجعلها تحت عضده، وكذلك المحابر التي فيها الحبر؛ يعني: الدواة التي يكتب منها، وكذلك ينفق العينين؛ ينفق عينيه في القراءة، وينفق العينين يعني: الذهب والفضة؛ ينفقها في طلب العلم؛ بحيث إنه يسافر لطلب العلم، ولو أنفق ما أنفق، وكذلك أيضا يسهر في طلب العلم، ومتى كان كذلك فإن الله تعالى يرزقه علما، ويفتح عليه.
                            وهكذا كان كثير من العلماء يأخذون العلم عن المشائخ، ولو شق ذلك عليهم، ولو قطعوا مسافات طويلة، ولو غابوا عن أهليهم؛ مذكور ذلك في تراجمهم.
                            انظروا في ترجمة البخاري كم مرة سافر لأجل أن يتحمل العلم؟! وهكذا أيضا أبو حاتم الرازي كم سافر في طلب العلم، وفي تلقيه! وهكذا أبو زرعة الرازي ونحوهم من طلبة العلم؛ سافروا، وقطعوا مسافات؛ لأجل أن يحصلوا على العلم. اهـ
                            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                            (1) الأندلسي، أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج 4، ص 4، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، الناشر: دار الكتب العلمية - لبنان، الطبعة: الاولى، 1413هـ- 1993م؛ الأنصاري القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد ، الجامع لأحكام القرآن، ج 11، ص 78، الناشر: دار الشعب – القاهرة؛ أبي حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط، ج 6، ص 164، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود - الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1) د.زكريا عبد المجيد النوقي 2) د.أحمد النجولي الجمل، الناشر: دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت، الطبعة: الأولى، 1422هـ -2001م.
                            (2) الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي ، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 21، ص 156، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1421هـ - 2000م.
                            (3) الرازي الشافعي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي ، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج 24، ص 160،الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1421هـ - 2000م.
                            (4) (" ترتيب المدارك " للقاضي عياض 1/ 109 )
                            التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 19-09-2017, 10:19 PM.

                            تعليق



                            • جاء في كتاب نهج السعادة - الشيخ المحمودي ج 7

                              [310]
                              يا بني إقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم، وكن آخذ الناس بما تأمر به وأكف الناس عما تنهى عنه، وأمر بالمعروف تكن من أهله.
                              فإن إستتمام الامور عند الله تبارك وتعالى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (44).
                              وتفقه في الدين فان الفقهاء ورثة الانبياء (45)
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              (45) وفى الحديث 31، من الباب السابع، من البحار: 1، 67، عن غوالي اللئالي، قال قال امير المؤمنين صلوات الله عليه لولده محمد: تفقه في
                              [311]
                              إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما (46) ولكنهم
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              الدين فان الفقهاء ورثة الانبياء.
                              وايضا رواها عنه (ع) العلامة (ره) في وصيته في خاتمة القواعد الى ولده.
                              وفى فضيلة الفقه والفقهاء اخبار جمة يأتي ذكر بعضها.
                              (46) إذ شأن كل شخص ان يذر ويخلف بعد حياته ماكان جمعه في حال الحياة مما كان يروفه ويعظم في نظره ويحن قلبه إليه، ويهوي فؤاده إليه، والانبياء عليهم السلام لم يجمعوا زخارف الدنيا من الدراهم والدنانير وغيرهما ولم يهتموا بادخارهما، وما كانوا معجبين بهما، حتى يصرفوا عزائمهم ورغائبهم في تحصيلهما وجمعهما واستنمائهما، بل كانوا فيهما من الزاهدين، وعن اقتنائهما من الراغبين، وعن ذويهما من المعرضين، الا بقدر البلغة وما تدفع به الضرورة الوقتية، فطبيعة حالهم اقتضت ان لا يكون لهم درهم ولا دينار، ولاساكن ولا متحرك، ولانضار ولاعقار، ولم يرد (ع) نفي الارث بين الانبياء ومخلفيهم من الاباء والابناء وبقية طبقات الوراث، فان هذا مما اجمع على بطلانه أعدال الكتاب، وفى طليعتهم سيد العترة وخليفة رسول الله ووصيه بلا فصل امير المؤمنين عليه السلام، وقد ملئ الطوامير، وطرش الجهال والسماسير من تكذيبه (ع) من ادعى ان الانيباء لاارث لهم، وقد تواتر عنه عليه السلام واجمع اولاده المعصومون على انه عليه السلام ادعى ميراث رسول الله (ص) لزوجته وحبيبة رسول الله فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وقد دوخ اذن الدهر حجاج الزهراء المرضية على أبي بكر لما طلبت ارثها من تركة رسول لله فصدقها علي والحسنان (ع)، وشهدوا لها بالميراث وصحة الدعوى، وهم حكام عدل، وقولهم هو الفصل، ويستحيل أن يحمل على الهزل، بشهادة آية التطهير، وحديث الثقلين، وحديث السفينة، وحديث النجوم، وحديث الطائر، وحديث علي مع الحق، والحق معه، يدور معه حيثما دار، وحديث علي مع القرآن، والقرآن معه، وحديث: ابناي هذان امامان قاما أو قعدا، وحديث: ان الله يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها، الى غير ذلك مما تواتر عن النبي (ص)، من طرق الفريقين، وقد تكفل لاثبات تواترها كتاب العبقات، وغاية المرام، والغدير، وغيرها.

                              [312]
                              ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر.
                              واعلم أن طالب العلم يستغفر له من في السماوات والارض حتى الطير في جو السماء (الهواء خ) والحوت في البحر، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وفيه شرف الدنيا والفوز بالجنة يوم القيامة، لان الفقهاء هم الدعاة إلى الجنان، والا دلاء على الله تبارك وتعالى وأحسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن إليك، وارض لهم ما ترضاه لنفسك (47) واستقبح من نفسك ما تستقبح
                              ـــــــــــــــــــــــــــــــ
                              وبالجملة فمن ضروريات فقه اهل بيت العصمة (ع)، ان الانبياء (ع) كسائر الناس يرثون ويورثون، فلو بقي منهم مال بعد وفاتهم فهو لورثتهم، ويمكن ايضا حمل هذا الكلام واشباهه على المعتاد المتعارف، حيث ان اهل الدنيا لا يعدون المال القليل، وما كان بقدر البلغة مالا، ولا يطلقون اسم التركة والميراث عليه، لتنزيله عندهم منزلة العدم، فيقولون فلان معدم لامال له، وفلان مات فقيرا ولم يخلف شيئا، فمن لم يكن عنده وفر، ولم يدخر ثروة جمة يقولون فيه: ذهب ولم يترك لورثته ميراثا، والانبياء (ع) كانوا على هذه الحالة، إذ لم يدخروا مالا للربح والازدياد، ولم يعمروا عقارا للاستنماء، ولم يتخذوا الكنوز، ولم يقنطروا القناطير، ففي نظر أهل الدنيا لامال لهم حتى يورثوا ويحظوا الورثة. اهـ

                              أقول : ومر عليك أخي القارئ جواب السيد حسين الشاهرودي على هذا السؤال :

                              العضو السائل : بـحرانـي
                              السؤال :
                              سماحة السيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              اهل السنة يستدلون علينا بحديث الامام الصادق(ع) ان الانبياء لا يورثون
                              (ان العلماء ورثة الانبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العمل فمن أخذه منه أخذ بحظ وافر)
                              كيف نرد عليهم؟

                              الجواب :
                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              أولاً : قد فاتهم أن الرواية تقول ان الانبياء لم يورِّثوا العلماءَ الدينار والدِّرهَم، ومن المعلوم أن العلماء لا يرثون منهم إلا العلم والحديث، اذ العلماء ليسوا من قرابة الانبياء، أي ليسوا أولادهم حتى يرثوا أموالهم، ولم تقل الرواية ان الانبياء لم يورِّثوا اولادهم، بل قالت لم يورِّثوا العلماءَ.
                              ثانياً : كذلك يمكن القول أن معنى الحديث على تقدير صحته أن الانبياء ليس من شأنهم جمع الأموال وطلب الدنيا وزخرفها حتى يبقى عندهم اموال يرثها اقرباؤهم، وإنما يهتمون بالعلم والحكمة والعمل الصالح، فيرث منهم الناس العلمَ والعمل، ولذا صار (العلماء ورثة الانبياء)
                              وليس معنى الحديث انه لو كان لنبي مال لا يرث منه اولاده وقرابته، ولو كان معناه ذلك لزم طرح الخبر لمخالفته للقرآن الكريم، حيث دلّ صريحاً على أن الانبياء يُورَثون وتنتقل أموالهم الى ورثتهم كما في قوله تعالى {وورث سليمانُ داوودَ} وقوله تعالى {فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب}
                              ومن المعلوم أن زكريا لم يكن يخاف الموالي من ورائه بالنسبة لأمر النبوة حيث أن الله أعلم حيث يجعل رسالته، فكان يخاف الموالي من جهة ارث المال، فطلب من الله ولداً ذكراً يرث منه المال الذي انتقل اليه من آبائه الأنبياء والذي اكتسبه في حياته.
                              كما أن {وورثَ سليمانُ داوودَ} ليس هو الحكم والنبوّة بل هو المال، بدليل أن سليمان قد أُعطِيَ الحكم في حياة والده داوود لا انه ورث منه الحكم كما جاء في قوله تعالى : {وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ كُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً }
                              فكلمة (يحكمان) تدلّ على أنهما كانا يحكمان في زمن واحد لا بالترتيب والارث.
                              ثالثاً : يمكن أن يكون هذا الحديث موضوعاً ومدسوساً من قبل المخالفين في كتبنا المعتبرة لتأييد زعم أبي بكر ان النبي (ص) قال : نحن معاشر الانبياء لا نورث، خصوصاً وأن الرواي هو وهب بن وهب ابو البختري الذي هو من العامة وقد قيل في حقه انه اكذب البريّة. اهـ

                              اقول : لماذا نجد المخالف العنيد يكرر الاحتجاج بالحديث على نفي توريث الأنبياء للمال ولايقرأ ماقيل في شرحه وماأعل به أيضآ ليكف عن الاحتجاج به ضد الشيعه على نفي توريث الأنبياء للمال لورثتهم وأن حكمهم يختلف عن غيرهم !!

                              التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 24-09-2017, 05:18 AM.

                              تعليق


                              • الدكتور السني إسماعيل الحسني أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعه بجامعة القاضي عياض بمراكش في مقالته الأدب في الدعاء أنقل منها موضع الشاهد :
                                قال عز وجل: “وزكرياء إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين” [الاَنبياء، 89-89].
                                تنطوي الآيتان الكريمتان على ثلاثة أمور:
                                دعاء من نبي الله زكريا عليه السلام[1]، فقد طلب من ربه عز وجل أن يرزقه الله تعالى الولد الذي لا يعينه فحسب على مطالب الحياة وأداء مهام الرسالة، وإنما يكون له وريثا يرثه في ما تركه من إرث مادي وأدبي وفكري وروحي[2]. والملاحظ أنه مهد لدعائه بالثناء على الله تعالى بصفة من صفاته المتمثلة في كونه الوارث. ففي قوله “وأنت خير الوارثين” تقدير مفاده: إما أن نقول: يرثني الإرث الذي لا يداني إرثك عبادك، أي بقاء ما تركوه في الدنيا لتصرف قدرتك، وإما أن نقول: يرثني مالي وعلمي وأنت ترث نفسي كلها بالمصير إليك مصيرا أبديا، فإرثك خير إرث لأنه أشمل وأبقى وأنت خير الوارثين[3]. اه
                                التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 03-10-2017, 06:27 AM.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X