((يس{1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ{2} إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{3} عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{4} تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ{5} لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ{6} لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{7} إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ{8} وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ{9} وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{10} إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ{11})) سورة يس... مكية
...............................
الاية (( لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ))...وفق ظاهرها تعني ان معظم قريش لن يؤمنوا ابدا حتى الموت وفق عبارة (( حق القول ))
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }السجدة13
المعروف ان القران ميز بين دخول الاسلام و دخول الايمان
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
قرأت في بعض التفاسير ان المقصود بالاية ((لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )) هم فقط المشركون الذين ماتوا على الشرك منذ اول بداية الاسلام او بداية الدعوة العلنية الى فتح مكة ( وعددهم قليل نسبة للعدد الكلي من المشركين الذين دخلوا الاسلام بعد فتح مكة ) ويستدلون بسورة النصر ((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3})) حيث ان الناس بعد فتح مكة دخلوا جميعا ( ظاهرا ) في الاسلام ومنهم رؤوس الشرك السابقين ابو سفيان وابنه معاوية و انتهى الشرك الصريح نهائيا من مجتمع مكة و قريش.. اي ان المفسرين فسروا (( لا يؤمنون )) بمعنى لا يسلمون
لكن هذا القول لا يصمد امام النقد للاسباب التالية
اولا: القران يميز بين دخول الاسلام و دخول الايمان {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
{قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }الفتح16
{وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ }الزخرف88
ثانيا: شطر الاية (( لقد حق القول )) يعني وفق ظاهره التابيد وليس مؤقتا
ثالثا: شطر الاية (( على اكثرهم )).... لو كان المقصود دخول الاسلام فهذا المعنى لا يستقيم مع كلمة (( اكثرهم )) لان عدد المشركين الذين الذين ماتو على الشرك منذ بداية الاسلام او بداية الدعوة العلنية الى فتح مكة قليل نسبة للعدد الكلي من المشركين الذين دخلوا الاسلام بعد فتح مكة.... نقول قليل لان نسبة الولادات الطبيعية في المجتمع هي حوالي 3 بالمئة سنويا ونسبة الوفيات الطبيعية 3 بالالف سنويا فلو فرضنا ان عدد مجتمع قريش مائة الف ( وهو العدد التقريبي لمن حضر حجة الوداع ) فتكون عدد الوفيات في مجتمع قريش خلال عشرين سنة قبل فتح مكة هو 6000 من مئة الف وهذا العدد لا يتناسب مع كلمة(( حق القول على اكثرهم)) لذلك لابد من حمل المعنى على دخول الايمان وليس دخول الاسلام
رابعا : سورة النصر وفق ظاهر معناها تبين دخول الناس الاسلام وليس دخول الايمان
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ {آل عمران19
خامسا : في الدين الاسلامي المنافقين يعاملون وفق ظاهرهم اي يعتبرون كمسلمين امام الناس لانهم لا يعرفون حقيقتهم حتى ان الرسول اطلق لفظ الصحابة على المنافق ابن سلول عندما هم عمر بقتله فمنعه الرسول بقوله (( لا يقول الناس محمد يقتل اصحابه ))
سادسا: الرسول في حياته ابدا لم يقاتل المنافقين ... والقران كان يدعوهم الى التوبة حتى ان المنافقين الذين هموا بقتل الرسول دعاهم القران للتوبة {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }التوبة74
سابعا: اتفقت كلمة المسلمين على ان الرسول لم يجاهد المنافقين بالسيف ابدا
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التحريم9
بل ان جهاد المنافقين يكون يكون بالدعوة الى هدايتهم واصلاحهم وتوعيتهم ودعوتهم للتوبة
ثامنا: القران دائما يمدح الاقلية ويذم الاكثرية
{لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }الزخرف78
تاسعا: جاء في الكافي 1/432 في فهم معنى الاية القرآنية من سورة يس بالقول : لقد جاء القول على اكثرهم ( ممن لا يقرون بولاية امير المؤمنين(عليه السلام) والائمة( عليهم السلام ) من بعده ) فهم لا يؤمنون بامامة امير المؤمنين والاوصياء من بعده فلما لم يقروا كانت عقيدتهم ما ذكر الله انا جعلنا في اعناقهم اغلالا فهي الى الاذقان فهم مقمحون في نار جهنم..... لكن هذا التفسير لم يرد في كتب السنة وانما ورد ما يؤيده
عاشرا: الرسول وضع لنا قاعدة لتمييز المؤمنين عن المنافقين من الصحابة
جاء في مسند احمد بن حنبل (( قال علي (ع) والله إنه مما عهد إلي رسول الله (ص) أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن)) .
حادي عشر: عمر بن الخطاب اعترف ان غالبية قريش كرهت الامام علي
جاء في شرح النهج لابن ابي الحديد ج 12 ص 52 ـ 55، تاريخ الطبري ج 4 ص 223، الكامل لابن الاثير ج 3 ص 62 (في حوادث سنة 23)، الايضاح لابن شاذان ص 87 .
.................................................. ................................
مناظرة ابن عباس مع عمر بن الخطاب
قال عبد الله بن عمر :
كنت عند أبي يوماً ، وعنده نفر من الناس، فجرى ذكر الشعر ، فقال: مَنْ أشعرُ العَرب ؟
فقالوا : فلان وفلان ، فطلع عبدالله بن عباس ، فسلّم وجلَس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبير ، مَنْ أشعرُ الناس يا عبدالله ؟ قال : زهير بن أبى سلمى .
قال : فأنشدْني مما تستجيده له .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إّنه مدح قوماً من غطفان ، يقال لهم بنو سنان ، فقال :
لو كان يقـعد فوق الشمس من كرمٍ*** قومٌ بأوَّلـهــمْ أو مجدِهمْ قعدوا
قـــوم أبـوهم سنان حين تَنسبُهُمْ *** طابوا وطاب من الاولاد ما وَلَدُوا
إنسٌ إذا أمـِنـوا ، جِنٌّ إذا فزعـوا *** مُرَزَّؤُون بها لـيــلٌ إذ جُهِدوا
مُحسّدون على مـا كــان من نعمٍ *** لا ينزع الله منهم ماله حـُـسِدوا
فقال عمر : والله لقد أحسن ، وما أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذا البيت من هاشم ، لقرابتهم من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ .
فقال ابن عباس : وفّقك الله يا أمير المؤمنين ، فلم تزل موفقا .
فقال : يابن عباس ، أتدري ما منع الناس منكم ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين .
قال : لكني أدري .
قال : ما هو يا أمير المؤمنين ؟
قال : كرهتْ قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ، فيجخِفوا جِخْفا، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت .
فقال ابن عباس : أيَميطُ أمير المؤمنين عنّي غضبه فيسمع ؟ قال : قل ما تشاء .
قال : أما قول أمير المؤمنين : إن قريشاً كرهـت ، فـإن الله تعالى قال لقِوم : ( ذَلِك بأنّهُمْ كَرِهُوا ما أنزل الله فأحبط أعْمَالهُمْ )
واّما قولك : ( إنّا كنّا نجخف ) ، فلو جَخَفْنا بالخلافة جَخَفْنا بالقرابة ، ولكنّا قوم أخلاقُنا مشتقةٌ من خُلق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذي قال الله تعالى : ( وَإنّك لَعَلَى خُلقٍ عظيم ) ، وقال له : (وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنين ).
وأما قولك : « فإن قريشا اختارت » ، فإنّ الله تعالى يقول : ( وربك يخلُقُ ما يشاء ويختارُ ما كان لَهُمُ الخَيَرة ) وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك مَنْ اختار ، فلو نظرتْ قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت قريش .
فقال عمر : على رسْلك يابن عباس ، أبت قلُوبكم يا بني هاشم إلا غِشّا في أمر قريش لا يُزول ، وحقدا عليها لا يَحول .
فقال ابن عباس : مَهْلاً يا أمير المؤمنين ؟ لا تنسُب هاشما إلى الغشّ ، فإن قلوبهم من قلب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذي طهّره الله وزكّاه ، وهم أهلُ البيت الذين قال الله تعالى لهم : ( إنما يرُيدُ الله ليُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البيت ويُطَهِّرَكم تطهيرا ) .
وأما قولك : « حقدا » فكيف لا يحقد من غُصِب شيئه ، ويراه في يد غيره .
فقال عمر : أما أنت يا بن عباس ، فقد بلغَني عنك كلامٌ أكره أن أخبرك به ، فتزول منزلتك عندي .
قال : وما هو يا أمير المؤمنين ؟ أخبرني به ، فإنْ يكُ باطلاً فمثلي أماط الباطلَ عن نفسه ، وإنْ يكُ حقا فإنّ منزلتي لا تزولُ به .
قال : بلغني أنّك لا تزال تقول : أُخِذَ هذا الامر منك حسدا وظلما .
قال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( حسدا ) ، فقد حسد إبليس آدم ، فأخرجه من الجّنة ، فنحن بنو آدم المحسود .
وأما قولك: «ظلما» فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحقِّ من هو ! ثم قال: يأمير المؤمنين، ألم تحتجّ العرب على العجم بحق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، واحتّجت قريش على سائر العرب بحقّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ! فنحن أحقُّ برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر: قم الان فارجع إلى منزلك، فقام، فلّما ولّى هتف به عمر: أيها المنصرف، إنِّي على ما كان منك لراعٍ حقك !
فالتفت ابن عباس فقال: إنّ لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كلّ المسلمين حقا برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، فمن حفظه فحقّ نفسه حفِظ، ومَنْ أضاعه فحقّ نفسه أضاع، ثم مضى.
فقال عمر لجلسائه: واها لا بن عباس، ما رأيته لاحى أحدا قطّ إلاّ خصَمه !
هذه الكلمة من ابن عباس تدل على أنه من المتسالم عليه عندهم أن الخلافة قد ثبتت بالنص على الامام علي ـ عليه السلام ـ وأنها بأمر الله واختياره، ولو لم يكن كذلك لاعترض عليه الخليفة في ذلك، والحق يقال أن انعقاد الخلافة بالشورى أو الاجماع أو البيعة ما هو الا اجتهاد في مقابل النص وقد قال تعالى: ( وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسولهُ امرا أن يكون لهم الخيرةُ من امرِهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) سورة الاحزاب: الاية 36.
......................................
ثاني عشر: الرسول اخبرنا بانحراف غالبية الصحابة عن الحق
جاء في صحيح البخاري
((لتتبعنَّ سنن من كان من قبلكم شبر بشبر وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم.
قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟))
ثالث عشر: الرسول بشر غالبية الصحابة بالنار
... فقد جاء فيه من حديث أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلم فقلت أين؟ قال إلى النار والله, قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى,وإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال : هلم, قلت : أين ؟ قال إلى النار والله, قلت : ماشأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم...)(صحيح البخاري ج 8 / 121 ط بولاق).
كما جاء فيه من حديث أبي هريرة أيضاًً وحديث سهل بن سعد وحديث أنس وحديث أبي سعيد الخدري بألفاظ متفاوتة تزيد وتنقص وفي جميعها ما يدل على الإرتداد... عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) .
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ) قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ) فَقَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ) قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ؛ أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا ) .
رواه مسلم ( 249 ) .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ ، فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) .
رواه أحمد ( 41 / 388 ) وصححه المحققون .
عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6211 ) ومسلم ( 2304 ) .
عن عَبْد اللَّهِ بنِ مسعود قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَأَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ : لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6642 ) ومسلم ( 2297 ) .
............................................
رابع عشر: الرسول اخبرنا ان الحق مع الامام علي والباطل مع من حاربه في احاديث كثيرة منها
روى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن أبي سعيد قال : كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فانقطع شسع نعله ، فتناولها علي يصلحها ، ثم مشى ، فقال : إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، قال أبو سعيد : فخرجت فبشرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكبر به فرحا ، كأنه قد سمعه .
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ، والحاكم في المستدرك .
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن منكم من يقاتل على تأويله ، كما قاتلت على تنزيله ، قال : فقال أبو بكر وعمر أنا هو ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، ولكن خاصف النعل .
...............................
الاية (( لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ))...وفق ظاهرها تعني ان معظم قريش لن يؤمنوا ابدا حتى الموت وفق عبارة (( حق القول ))
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }السجدة13
المعروف ان القران ميز بين دخول الاسلام و دخول الايمان
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
قرأت في بعض التفاسير ان المقصود بالاية ((لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )) هم فقط المشركون الذين ماتوا على الشرك منذ اول بداية الاسلام او بداية الدعوة العلنية الى فتح مكة ( وعددهم قليل نسبة للعدد الكلي من المشركين الذين دخلوا الاسلام بعد فتح مكة ) ويستدلون بسورة النصر ((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3})) حيث ان الناس بعد فتح مكة دخلوا جميعا ( ظاهرا ) في الاسلام ومنهم رؤوس الشرك السابقين ابو سفيان وابنه معاوية و انتهى الشرك الصريح نهائيا من مجتمع مكة و قريش.. اي ان المفسرين فسروا (( لا يؤمنون )) بمعنى لا يسلمون
لكن هذا القول لا يصمد امام النقد للاسباب التالية
اولا: القران يميز بين دخول الاسلام و دخول الايمان {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
{قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }الفتح16
{وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ }الزخرف88
ثانيا: شطر الاية (( لقد حق القول )) يعني وفق ظاهره التابيد وليس مؤقتا
ثالثا: شطر الاية (( على اكثرهم )).... لو كان المقصود دخول الاسلام فهذا المعنى لا يستقيم مع كلمة (( اكثرهم )) لان عدد المشركين الذين الذين ماتو على الشرك منذ بداية الاسلام او بداية الدعوة العلنية الى فتح مكة قليل نسبة للعدد الكلي من المشركين الذين دخلوا الاسلام بعد فتح مكة.... نقول قليل لان نسبة الولادات الطبيعية في المجتمع هي حوالي 3 بالمئة سنويا ونسبة الوفيات الطبيعية 3 بالالف سنويا فلو فرضنا ان عدد مجتمع قريش مائة الف ( وهو العدد التقريبي لمن حضر حجة الوداع ) فتكون عدد الوفيات في مجتمع قريش خلال عشرين سنة قبل فتح مكة هو 6000 من مئة الف وهذا العدد لا يتناسب مع كلمة(( حق القول على اكثرهم)) لذلك لابد من حمل المعنى على دخول الايمان وليس دخول الاسلام
رابعا : سورة النصر وفق ظاهر معناها تبين دخول الناس الاسلام وليس دخول الايمان
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ {آل عمران19
خامسا : في الدين الاسلامي المنافقين يعاملون وفق ظاهرهم اي يعتبرون كمسلمين امام الناس لانهم لا يعرفون حقيقتهم حتى ان الرسول اطلق لفظ الصحابة على المنافق ابن سلول عندما هم عمر بقتله فمنعه الرسول بقوله (( لا يقول الناس محمد يقتل اصحابه ))
سادسا: الرسول في حياته ابدا لم يقاتل المنافقين ... والقران كان يدعوهم الى التوبة حتى ان المنافقين الذين هموا بقتل الرسول دعاهم القران للتوبة {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }التوبة74
سابعا: اتفقت كلمة المسلمين على ان الرسول لم يجاهد المنافقين بالسيف ابدا
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التحريم9
بل ان جهاد المنافقين يكون يكون بالدعوة الى هدايتهم واصلاحهم وتوعيتهم ودعوتهم للتوبة
ثامنا: القران دائما يمدح الاقلية ويذم الاكثرية
{لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ }الزخرف78
تاسعا: جاء في الكافي 1/432 في فهم معنى الاية القرآنية من سورة يس بالقول : لقد جاء القول على اكثرهم ( ممن لا يقرون بولاية امير المؤمنين(عليه السلام) والائمة( عليهم السلام ) من بعده ) فهم لا يؤمنون بامامة امير المؤمنين والاوصياء من بعده فلما لم يقروا كانت عقيدتهم ما ذكر الله انا جعلنا في اعناقهم اغلالا فهي الى الاذقان فهم مقمحون في نار جهنم..... لكن هذا التفسير لم يرد في كتب السنة وانما ورد ما يؤيده
عاشرا: الرسول وضع لنا قاعدة لتمييز المؤمنين عن المنافقين من الصحابة
جاء في مسند احمد بن حنبل (( قال علي (ع) والله إنه مما عهد إلي رسول الله (ص) أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن)) .
حادي عشر: عمر بن الخطاب اعترف ان غالبية قريش كرهت الامام علي
جاء في شرح النهج لابن ابي الحديد ج 12 ص 52 ـ 55، تاريخ الطبري ج 4 ص 223، الكامل لابن الاثير ج 3 ص 62 (في حوادث سنة 23)، الايضاح لابن شاذان ص 87 .
.................................................. ................................
مناظرة ابن عباس مع عمر بن الخطاب
قال عبد الله بن عمر :
كنت عند أبي يوماً ، وعنده نفر من الناس، فجرى ذكر الشعر ، فقال: مَنْ أشعرُ العَرب ؟
فقالوا : فلان وفلان ، فطلع عبدالله بن عباس ، فسلّم وجلَس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبير ، مَنْ أشعرُ الناس يا عبدالله ؟ قال : زهير بن أبى سلمى .
قال : فأنشدْني مما تستجيده له .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إّنه مدح قوماً من غطفان ، يقال لهم بنو سنان ، فقال :
لو كان يقـعد فوق الشمس من كرمٍ*** قومٌ بأوَّلـهــمْ أو مجدِهمْ قعدوا
قـــوم أبـوهم سنان حين تَنسبُهُمْ *** طابوا وطاب من الاولاد ما وَلَدُوا
إنسٌ إذا أمـِنـوا ، جِنٌّ إذا فزعـوا *** مُرَزَّؤُون بها لـيــلٌ إذ جُهِدوا
مُحسّدون على مـا كــان من نعمٍ *** لا ينزع الله منهم ماله حـُـسِدوا
فقال عمر : والله لقد أحسن ، وما أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذا البيت من هاشم ، لقرابتهم من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ .
فقال ابن عباس : وفّقك الله يا أمير المؤمنين ، فلم تزل موفقا .
فقال : يابن عباس ، أتدري ما منع الناس منكم ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين .
قال : لكني أدري .
قال : ما هو يا أمير المؤمنين ؟
قال : كرهتْ قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ، فيجخِفوا جِخْفا، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت .
فقال ابن عباس : أيَميطُ أمير المؤمنين عنّي غضبه فيسمع ؟ قال : قل ما تشاء .
قال : أما قول أمير المؤمنين : إن قريشاً كرهـت ، فـإن الله تعالى قال لقِوم : ( ذَلِك بأنّهُمْ كَرِهُوا ما أنزل الله فأحبط أعْمَالهُمْ )
واّما قولك : ( إنّا كنّا نجخف ) ، فلو جَخَفْنا بالخلافة جَخَفْنا بالقرابة ، ولكنّا قوم أخلاقُنا مشتقةٌ من خُلق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذي قال الله تعالى : ( وَإنّك لَعَلَى خُلقٍ عظيم ) ، وقال له : (وَاخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنين ).
وأما قولك : « فإن قريشا اختارت » ، فإنّ الله تعالى يقول : ( وربك يخلُقُ ما يشاء ويختارُ ما كان لَهُمُ الخَيَرة ) وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك مَنْ اختار ، فلو نظرتْ قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت قريش .
فقال عمر : على رسْلك يابن عباس ، أبت قلُوبكم يا بني هاشم إلا غِشّا في أمر قريش لا يُزول ، وحقدا عليها لا يَحول .
فقال ابن عباس : مَهْلاً يا أمير المؤمنين ؟ لا تنسُب هاشما إلى الغشّ ، فإن قلوبهم من قلب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الذي طهّره الله وزكّاه ، وهم أهلُ البيت الذين قال الله تعالى لهم : ( إنما يرُيدُ الله ليُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البيت ويُطَهِّرَكم تطهيرا ) .
وأما قولك : « حقدا » فكيف لا يحقد من غُصِب شيئه ، ويراه في يد غيره .
فقال عمر : أما أنت يا بن عباس ، فقد بلغَني عنك كلامٌ أكره أن أخبرك به ، فتزول منزلتك عندي .
قال : وما هو يا أمير المؤمنين ؟ أخبرني به ، فإنْ يكُ باطلاً فمثلي أماط الباطلَ عن نفسه ، وإنْ يكُ حقا فإنّ منزلتي لا تزولُ به .
قال : بلغني أنّك لا تزال تقول : أُخِذَ هذا الامر منك حسدا وظلما .
قال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( حسدا ) ، فقد حسد إبليس آدم ، فأخرجه من الجّنة ، فنحن بنو آدم المحسود .
وأما قولك: «ظلما» فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحقِّ من هو ! ثم قال: يأمير المؤمنين، ألم تحتجّ العرب على العجم بحق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، واحتّجت قريش على سائر العرب بحقّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ! فنحن أحقُّ برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر: قم الان فارجع إلى منزلك، فقام، فلّما ولّى هتف به عمر: أيها المنصرف، إنِّي على ما كان منك لراعٍ حقك !
فالتفت ابن عباس فقال: إنّ لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كلّ المسلمين حقا برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، فمن حفظه فحقّ نفسه حفِظ، ومَنْ أضاعه فحقّ نفسه أضاع، ثم مضى.
فقال عمر لجلسائه: واها لا بن عباس، ما رأيته لاحى أحدا قطّ إلاّ خصَمه !
هذه الكلمة من ابن عباس تدل على أنه من المتسالم عليه عندهم أن الخلافة قد ثبتت بالنص على الامام علي ـ عليه السلام ـ وأنها بأمر الله واختياره، ولو لم يكن كذلك لاعترض عليه الخليفة في ذلك، والحق يقال أن انعقاد الخلافة بالشورى أو الاجماع أو البيعة ما هو الا اجتهاد في مقابل النص وقد قال تعالى: ( وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسولهُ امرا أن يكون لهم الخيرةُ من امرِهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) سورة الاحزاب: الاية 36.
......................................
ثاني عشر: الرسول اخبرنا بانحراف غالبية الصحابة عن الحق
جاء في صحيح البخاري
((لتتبعنَّ سنن من كان من قبلكم شبر بشبر وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم.
قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟))
ثالث عشر: الرسول بشر غالبية الصحابة بالنار
... فقد جاء فيه من حديث أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلم فقلت أين؟ قال إلى النار والله, قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى,وإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال : هلم, قلت : أين ؟ قال إلى النار والله, قلت : ماشأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم...)(صحيح البخاري ج 8 / 121 ط بولاق).
كما جاء فيه من حديث أبي هريرة أيضاًً وحديث سهل بن سعد وحديث أنس وحديث أبي سعيد الخدري بألفاظ متفاوتة تزيد وتنقص وفي جميعها ما يدل على الإرتداد... عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) .
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ) قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ) فَقَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ) قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ؛ أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا ) .
رواه مسلم ( 249 ) .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ ، فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) .
رواه أحمد ( 41 / 388 ) وصححه المحققون .
عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6211 ) ومسلم ( 2304 ) .
عن عَبْد اللَّهِ بنِ مسعود قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي ، فَأَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ : لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6642 ) ومسلم ( 2297 ) .
............................................
رابع عشر: الرسول اخبرنا ان الحق مع الامام علي والباطل مع من حاربه في احاديث كثيرة منها
روى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن أبي سعيد قال : كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فانقطع شسع نعله ، فتناولها علي يصلحها ، ثم مشى ، فقال : إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، قال أبو سعيد : فخرجت فبشرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكبر به فرحا ، كأنه قد سمعه .
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ، والحاكم في المستدرك .
وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن منكم من يقاتل على تأويله ، كما قاتلت على تنزيله ، قال : فقال أبو بكر وعمر أنا هو ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، ولكن خاصف النعل .
تعليق